عبدالمحسن بن علي المطلق
أو ذاك الحفيّ بكل من حوله.. ها (رحل) بلا مقدمات!، فـ{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}..
رحمكم الله أبا عبدالعزيز.. الحفِل بكل أحباب والده رحمه الله، ونحن منهم.
وإن أنسى لا أنسى أنك تكراراً قلتها إنك تدعو لأبي (مع) دعائك لوالديك.
ولعمري هذا وفاء قلّ ما تجده، وفي زماننا أقلّ القليل
وهذا أيضاً صنيع النوادر الذين تنبت بهم شجرة المعروف ثم بذاتهم يقومون بريّها ومداراتها.. في حال تضعضعت، والذود عنها أمام كل العواصف.
رحمك الله أيها اللطيف الذي تفرح بمناسبات تتوخّى بها حضورنا لتُسارع عساك - بها- تكسبنا
رحمك ربي.. من نموذج يقف المرء خجلاً أن لا يحكي شطره، وقد تولى بك قلب شطر لفيف أحباب أهلك، فلا يحسب لمثلك أن يعدو مرابعهم.. إلا والخيار ليس بيده.
رحمك المولى وقد توليت اليوم وفي شهر الصوم.. لينبئ لنا بينك أن هذه الأوقات التي للصلة موسم ذهب بها ذاك الواصل الوفيّ الوافي..، الموافي بما يحسب بها فواضل الصنائع حقّا عليه.. وهي منه (تبرّع)!
فيؤدّيه بلا طلب ويبديه بلا منّ، ولا رمسا إليه يستقطب.
رحماك -يا الله- بمن «بسماته» هي ما نذكر ونحفظ ونخاف نتبدد أمام نثرها.. بخاصة وأنا - أخبر عن ذاتي- من رعيل أتى بعد جبلّته، وكم بنى داخلي تجشّمه ليُقدِم مبادراً أن يسلّم، بل ويبحث
وقد ركنت الملامة، فهي بذات من مثلك تُرهات لا تستحق الوقوف عندها، فضلاً عن الالتفات إلى ملازمها.
ولا عجب، فأنتم (الدخيِّل) أسرة غالية على والدي.. الذي كم كان -يرحمه الله- لا يماري بمكانتهم، أو يزري.. مهما كان قدر الحضور، فقد كانوا باسقي المنزلة بقلبه، ما ذاك إلا مع الحب/ خلوصهم النصح.
كذا كانوا وكذا (أنت)، وهذه العصا من تلك العصيّة..
فهل ينبت الخطيّ إلا وشيجه.. أبا عبدالعزيز
وعلى هذا المنوال لم تحد.. حتى إلى ربك مضيت، لم تبدّلك البتة دُنيا ذهبت بأهلها.
وهكذا الذهب، والمعدن الأصيل الذي مهما تعدوه رياح التغيير يبقى ثابتاً، وبفضائل ما عُرف عنه شامخًا.. لا يتسنّى، ولهذا مثلك لا ينسى...
كما وقد أُجمع على مناقبك تلك لكني
ولعلي أذكر من بين تلكم حرصه على التواصل (من خلال تلبية الدعوات)، فهو نادر جداً ما يتخلّف لحرصه على الوصل والاتكاء على كل دواعيها، وزيادة أنه إن كانت الدعوى كُبر - زواج مثلاً- فهو يبحث عن الأحباب ممن يتوخى حضورهم هذه المناسبة أو تلك، ولا شك أن صنيعه من أوجه وجوه الوصل.. والبرّ معاً.
وبمناسبة البر فقد كان به متعدياً، فكم ذكر لي (ليفرحني) بالتأكيد/ (.. إني لأدعو لوالدكم كل يوم)
.. فهل كثير مما له «يرحمه المولى».. ولكلمات في كنني متأنّقات، هنّ من عصفن لا أقول بذهني فقط، بل وأطرن قلمي لتحبير عنك أطراً، أقصد أن أكتب إذا ما تثاءبت، أعني فهذا ليس مثوبة وفاءً فقط! بل لما لِوزنهن والذي أثقل من الذهب..
... آهٍ على ما فاجأني وغالب أحبته
فقد جاءني خبر «فقد» وجه غال على الجميع، لأنه لا يُعهد عنه طول الغيبة، وها قد أتت الغيبة التي لا يد لهُ فيها..
ففي طيّ خبر أنبئنا عن رحيله:
(... انتقل إلى رحمة الله فجر الخميس الموافق: 6-9-1443 هجرية [عبدالله بن عبدالعزيز بن حمد الدخيل] بسبب أزمة قلبية، نسأل الله عز وجل أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته) وما إن بلغت جملة (والله يربط على قلوب جميع محبيه..) وقفت عند لفظة ربط، فتذكرت لشعرة بين (رباطة الجأش) والتبلّد..!
فللأولى منها الرصانة، والاتزان بحالة من الاستقرار النفسي.
فالرباطة هي في الجسد، لأنه كم من موقف تخلخل قوام صاحبه، وقد يحتاج لإسعاف!
لكن من تحلّى برباطة التحكّم بانفعالاته، على الأقل أمام الآخرين، ثم له إن خلا.. أن يمل من الدمع
إذا الليل (أضواني) بسطت يد الهوى
وأذللت دمعاً من خلائقه الكِبرُ
كذا هم الكبار، أو كذا يجب أن يكونوا
لكن ولكأن هناك شعرة -فهم- بين هذه، وبين الأخيرة -التبلّد..- وما يصدر عن صاحبها من برود، فوقع الفرح والترح سيان عنده! على كلّ ليس هذا مقام مقارنة بينهما لكنّه مقام محدد المرام/
لأخينا الكبير أبي عبدالعزيز يرحمه الله يغيب بزمن نحن أحوج ما نكون به لمثله..
ممن يلملم الأفئدة ويبسط عليها رواف حياة وينشر برواقها روافد آمال وخيرات تبدي من ذاتها ما يزيد من تلقي كاحلها بنفس تأمّل، فتستشمّ ألقاً للقادم..
لأختم.. وعلى غرار( تعبير) مغاير:
»بعض من تُحبّهم لسيماهم، فإذا عاشرتهم.. عرفت لماذا وضع اللّه قبولا في وجوههم، مما لجمالهم الداخلي وقد طغى حتى أصبح يُرى من ظاهرُهم..».
وزاد على تلكم الجملة من زاد بأن:
(الصديق كماء «الشرب..» إن لم يكن نقياً، وصافياً، فلا حاجة لك به)..
ولا ريب عندي (بحكم معرفتي بكم) رحمكم ربكم/ أن بغياب أمثالكم ما يبهت لون عصرنا، فالله المستعان.