محمد بن عبدالله آل شملان
على مسافة 38 عاماً، تتمدد أوقاف محمد عبدالعزيز الراجحي، تتوزع فيها جوانب الخير والبرّ والإحسان، وفي حدودها يمكن معرفة أشياء متعددة، وبين زواياها تختبئ الكثير من الأفكار المضيئة، البعض منها واقعي، والأخرى لا تظهر أشبه بإشراقة في الفكر، يمكن نقلها إلى واقع في أية لحظة.
في نطاق هذه المساحة تتنافس أوقاف محمد عبدالعزيز الراجحي في التعبير عن رؤيتها للمستقبل، وترجمة خططها، لتحقيق التنمية المستدامة، وتتنافس على جذب أفراد المجتمع لها، تغريهم بشفافيتها وإفصاحها وتميزها ومشاريعها المتنوعة، وتفتح أمامهم خزائن وضوح رؤيتها، ودقة أهدافها، وجودة تنفيذها، وآلياتها للمتابعة والتقييم برعاية الهيئة العامة للأوقاف الغارقة في الحوكمة ومكافحة الفساد ومكافحة سوء استخدام السلطة، وفق رؤية السعودية 2030م وتوجيهات القيادة في رفد الاقتصاد ومكافحة الفساد.
وأنت تتجول في حدود هذه المساحة، ستلوح أمامك كثير من المشاهد، التي يمكن أن تخلق تصوراً كاملاً عن إسهامها في التنمية المجتمعية، وعكسها صورة مشرقة للعمل الخيري المانح الذي يُعد إحدى الركائز الأساسية في منظومة مجتمعنا الإسلامي، كما مشهد الأوقاف الذي يرتكز على القطاعات الزراعية الخمسة الزراعي والعقاري والاستثماري والفنادق والخيري التي تتحرك في اتجاهات مناطق ومحافظات المملكة، ترافق بناء المساجد، وتلبي احتياجات الفقراء والمساكين، وتنفذ الأعمال الخيرية، وتمنح للبرامج وللمشاريع النوعية، وتنفذ بعض المهام المناطة بها، التي طالما تتوافق مع الإستراتيجية المعتمدة، وأن يكون لها شأن عال بين مؤسسات الوقف في المملكة.
المشهد العملي والإداري ليس هو السائد فقط في جنبات أوقاف محمد عبدالعزيز الراجحي، فقد تفوق عليه حجم الصرف الخيري، الذي حضر بكل تجلّي في دروب المكان، بلغ أكثر من 700 مليون ريال في شتى مجالات العمل الخيري في المملكة العربية السعودية، وزادت أصولها بنسبة أكثر من 136 %، وقد أطلّ ذلك الصرف الخيري على العديد من الأفكار والمشاريع، التي يمكن من خلالها أن تتقصى العواطف الإنسانية الصادقة، تلك التي تشعر بها بمجرد أن تقف على الموقع الإلكتروني للأوقاف، وقد تم تدوين رسالتها «نحن أوقاف خيرية نسعى لتطوير استثماراتنا لتحقق أكبر عائد مالي نسهم من خلاله في تعزيز الاقتصاد الوطني و المساهمة في تنمية المجتمع عبر منظومة الأعمال الخيرية التي نتبناها».
تكريم الأوقاف - مؤخراً - بوصفها أكبر الداعمين لمنصة إحسان برعاية سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، وبحضور سمو أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، أطلَّ بتفاصيل بليغة، وكأنها أشبه بـ«بوصلة ترمز نحو مستقبل الأوقاف التنموي والمجتمعي الخيري».
فإنجازات هذه الأوقاف، التي بلغت في عمر المؤسس - رحمه الله - 28 عاماً تحت عنايته ورعايته، و 10 سنوات منذ وفاته تحت عناية ورعاية أبنائه، على الساحة المحلية ظاهرة، فقد نجحت في تأمين المستقبل لـ500 موظف، وتبلغ الميزانيات السنوية 84 ميزانية، فيما يبلغ عدد الوحدات العقارية في الأوقاف العقارية 3400، ويبلغ عدد المستأجرين 2200 بنسبة التحصيل 97 %، فيما بلغت المنح في القطاع الخيري 60 % للعمل الاجتماعي، و20 % للتعليم، و20 % في مجال تنمية الموارد المالية، وحجم أصول بلغ أكثر من 3 مليارات ريال على أعمال الخير وتمكين الإنسان، لتعكس جوهر سياسة المؤسسة ونهج مؤسسها، الهادفة إلى الاستثمار في تنمية المجتمع وتعزيز الاقتصاد الوطني.
رئيس مجلس النظّار في الأوقاف الأستاذ بدر بن محمد بن عبد العزيز الراجحي استلم أمانة عمل المؤسسة وخزائنها، وعمل جاهداً، مع إخوانه الأكارم، على حمل الأمانة الجسيمة، وتعزيز قدرات المؤسسة المالية تحت مسار توفيق الله تعالى ثم الدعم اللا محدود من دولتنا الرشيدة وولاة أمرنا بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-، التي أوجدت هذا النوع من الأنظمة وحرصت على الإرشاد لها، فسهلت على الأفراد إيقاف الأموال الخاصة بهم في مجالات العمل الخيري وما إلى ذلك من أنواع الوقف، وهو ما نحتاج إليه وما نتطلع إليه ليحتذي الجميع بأمثال هؤلاء المحسنين.
في هذه الأيام الفضيلة من شهر رمضان المبارك ندعو الله تعالى أن يرحم الشيخ محمد بن عبدالعزيز الراجحي، بواسع رحمته، وعظيم مغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته مقابل ما قدمه لوطنه ومواطنيه من أعمال جليلة.