د. صالح بن سعد اللحيدان
سلف القول على حال بين الإجمال والتفصيل حيال ما يقع فيه بعض الباحثين من كتبة التاريخ وثلة من العلماء المحققين، صوب الآثار الواردة المبينة للأحكام التاريخية، وما يعتريها مما يحتاج إلى تفصيل وبيان كثير هم ممن لا يرى الصحة في السند، إنما يكفي إيراد الأثر فقط ولا حاجة إلى السند، إنما ذلك لإثبات الأحكام.
والقاصمة هنا كما هي القاصمة هناك أن الأصل في التدوين تدوين الحوادث والأخبار والسير. كل ذلك ضابطه أن يكون صحيحاً لا مرية فيه.
هذه هي الأمانة، هذا هو الحق المبين من هذا السبيل، على بينة ناهضة ذات قائم خالد عليم.
وضُعت هنا المصطلحات فمن تخطاها لا جرم يتعب ويتعب غيره من السابقين ومن اللاحقين ممن دخلوا في الخطأ المبين.
المصطلح هو ما اصطلح عليه من علماء الآفاق على ضرورة العودة إليه عند معرفة حقيقة الأثر.
من هُنا تم القول على أنه (علم واضح وقواعد يُعرف بها أحوال السند وأحوال المتن من حيث الوقوف على حقيقة الصحيح والضعيف من الآثار عند الشك في أثر أو خبر أو رواية والسند الذي يلزم العالم والمؤرخ معرفته هو الموصل للمتن حتى يُحكم على الوارد فيتم تدوينه أو أنه يُترك لضعفه.
ولهذا لما كتب جملة من المؤرخين وحقق كثير من المحققين وبذل بعض العلماء ما بذلوا دون معرفة المصطلح مما يجب وعيه بعد نظره بل مرات وقع بعضهم في الخلل.
أنظر مثلاً المغني أو أنظر المبسوط أو الحاشية لابن عابدين، تجد ما يحتاج إلى تصحيح السند ليصح المتن وهذه أمثلة فقط.
وأنظر فتح القدير أو ابن الجوزي في تفسيره أو البحر المحيط تجد ما يحتاج إلى مراجعة.
وأنظر البيان والتبيين أو مقاتل الطالبيين أو العقد الفريد تجد من لوازم ما لزم ضعفه أن الآثار غالبها لم يمُر أصحابها على المصطلح فيعرفون الخطأ من الصواب مما دونوه هناك.
ناهيك مما حصل كثيرا عند بعض المتأخرين كعدنان بن إبراهيم ومحمود شلبي وشحرور ومارون بن عبود وسواهم كثير في هذا الحين.
ولعل سائلاً يسأل كيف يقبل كثير من الناس اليوم هذا السيل الدافق من الكتب في التاريخ والتحقيق؟
لعل الأمر يعود بسبب ضعف الوقوف على المصطلح لمعرفة هل ثبت ماونه هؤلاء ام لم يثبُت؟
والناس اليوم غالبهم انصرف عن القراءة الجادة إنما الخفيف فقط وطغت وسائل التواصل الاجتماعي على ذلك.
وهذا هو ما نطالعه في الكتابات الصحفية وفي المجلات المُحكمة من العجلة ومجرد الكتابة الإنشائية إلا ما قل من الضروري جداً ضبط الأثر من الضروري هذا وإلا فكيف يتغذى العقل وتنتعش الروح؟