د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** قبل تسعة وعشرين عامًا، وتحديدًا يوم الأحد 5-3-1414هـ كتب في افتتاحية ملحق (أدب وثقافة) -كما كان يُسمى- مقالًا عنوانه: (الحول يمتد عقدًا) أبدى فيه رغبته في تسليم الإشراف على الصفحات الثقافية لزميلٍ آخر، مؤمنًا بأهمية تدوير العمل، وكتب تعقيبًا تاليًا لأصدائها - كما هو موثق في كتابه: (سفر في منفى الشمس: قراءاتٌ في اغتراب الكلمة) الصادر عام 1416هـ (1995م) ص 69 ومنه:
** «... توقع أن تمضي حوليته دون صدى؛ فلم يكتبها مساومةً، أو ضجرًا، أو عزوفًا، أو لوجود مشكلات إدارية، أو تحريرية، بل إنه يلقى من مسؤولي المؤسسة والصحيفة كل رعاية وتقدير «..... «وقطع عليه الطريقَ رئيسُ التحرير حين أكّد له أنه لم يتدخل في مشاعره على الورق، ولكنه من منطلق إشرافي وأخوي يتيح لنفسه التدخلَ في القرار على أرض الواقع ويطلب منه صرف التفكير عنه نهائيًا...».
** تكررت المحاولاتُ بعد ذلك، والعمرُ يمرُّ، والأعوامُ تكرُّ، ثم أخذ موثقًا من أستاذه خالد المالك في فبراير 2021م أن يواصلَ عامًا واحدًا أو لنقل: وحيدًا وأخيرًا فاستجاب، وهاقد جاء فبراير 2022م ليصبحَ الوعدُ ناجزًا، مع امتنانه لكلِّ ما أُنجز وما سيُنجز، وما قُدّم وما سيُقدّم، وهذه رسالته لأستاذنا الكبير، موقعةً في 16-01-2022م:
أستاذي الكبير والأثير خالد بن حمد المالك رعاه الله
تحية طيبة
«...» اتفقتُ مع سعادتكم على البقاء عامًا واحدًا يكتملُ بعد أيام، ولظروفي الخاصة فإنني أبعث لكم رغبتي (النهائية) غير القابلة للمراجعة أو التراجع بانتهاء عملي الذي طلبتُه مرارًا «مشافهةً وكتابةً» منذ عام 1995م أي قبل بدء الفترة الثانية لرئاستكم التي جعلتني أتوقفُ عن إعادة الطلب حرصًا على وضع إمكاناتي «العاديّة» للمشاركة بجانبكم في استعادة الجزيرة مكانها ومكانتها، وقد أمضيت - حتى اليوم - ما يزيد على سبعةٍ وثلاثين عامًا (2022- 1985م) في الجزيرة، والظنُّ أنني أطولُ المسؤولين الثقافيين الصحفيين مُكثًا، «...» ولم أفكرْ يومًا في الانضمام إلى سواها بالرغم من الظروف الصعبة التي مرت بها، كما لم أقبلْ أيَّ عرضٍ لتركها بالرغم من إغراءاتها، بل إنني اعتذرتُ عن أعمالٍ خاصةٍ ذات عائدٍ ماديٍ لأجلها إذ لا وقت لسواها، وكانت صحيفتي الأولى قبل الالتحاق بها، وظلت بيتي الإعلاميَّ الأجملَ، ولن أنسى ما اكتسبتُه من خبرةٍ وعلاقات زادها وزانها تشرفي بالعمل تحت قيادتكم قرابة ربع قرن.
** وبعد؛ فيتمنى للجزيرةِ وللمجلة الثقافية كل التوفيق مؤكدًا أنه يغادرُها إلى منزله، ومع أعمالٍ مختلفة يدعو الله تعالى أن يُفسحَ له في الأجل والصحة ويُمدّه بالعون لإتمامها، ولا ينسى إزجاءَ التقدير لجميع الكُتّاب والكاتبات والزملاء المحررين والمحررات والمخرجين والسكرتارية والفنيين والمراسلين والأمن، وقد يروق له يومًا أن يكتبَ تجربته استكمالًا لكتابه: (سيرة كرسي ثقافي) الصادر عام 2015م، وبخاصةٍ أنها شملت فترةً ذات حساسيةٍ عاليةٍ ضمن صراع الحداثة والتقليد، والليبرالية والمحافظة، والتشدد والتجدد، ومن يتعامل مع النخب الثقافية يدرك استحالة بلوغ رضاهم، ولعل المجلة الثقافية في عامها العشرين تستحقُّ عنايةً وحفظًا في مجلداتٍ تتاح للباحثين والباحثات، وتُضافُ إلى ما سبقها من إصداراتٍ وملحقاتٍ وصفحات، والحمد لله في المفتتح والمختتم.
** الإبداعُ لا يقف عند باب.