نعم أيها القارئ «الحب ثقافة» لا تستغرب سأثبت لك فقط انتظر لتعرف أن للحب ثقافة، فالكلمات كالحروف تتهادى خجلا بهذا البلبل الصدّاح حين يغرّد بالحب بالجمال بالدلال، فالحب عطر الروح، كساء المحبة وانتماء الروح للروح!
دعونا الآن نأتي بأبيات تعزز هذا المفهوم أقصد «الحب ثقافة» ثم ننطلق لمفهوم الحُبّ عند السعلي وكيف أن الثقافة في تعاطي الحُبّ والإدمان على ثقافته يصنع كل مستحيل بالخيال...
فنبدأ إذا بعنترة بن شداد.. الفارس الشاعر الذي يقول:
إن طيف الخيال يا عبل يشفي
ويداوي به فؤادي الكئيب
وهلاكي في الحب أهون عندي
من حياتي إذا جفاني الحبيب
ويقول قيس بن الملوح.. مجنون ليلى في إحدى قصائده:
وقالوا لو تشاء سلوت عنها
فقلتُ لهمْ فانِّي لا أشَاءُ
وكيف وحبُّها عَلِقٌ بقلْبي
كما عَلِقَتْ بِأرْشِيَةٍ دِلاءُ
ولنختم بنزار قباني.. شاعر المرأة والحب حيث يقول:
لو خرجَ الماردُ من قُمْقُمِهِ
وقالَ لي: لبَّيْكْ
دقيقةٌ واحدةٌ لديكْ
تختارُ فيها كُلَّ ما تريدُهُ
من قِطَع الياقوتِ والزُمرُّد
لاخترتُ عينَيْكِ.. بلا تردُّد
إذا للحبِ فلسفة مختلفة عند الشعراء ماضيها وحاضرهم معها اختلف الزمان والمكان يبقى الحُبّ ثابتا في الأجيال، اختلاف الطريقة والأسلوب فقط فلم تعد تجدي أن يبقى روميو تحت نافذة جلييت يستجدي حبها.
ولا باقة ورد تنطرح بين يديها، أصبحت تلك الطرق قديمة وقديمة جدا، أصبحت شاشة بحجة الكفّ بها ملصقات عجيبة غريبة تختصر الكثير من الكلام والشوق والحنين من الحبيب لحبيبته، هنا لا بد من الشعراء العاشقين كذلك أن يغيّروا طرائق حروفهم كتاباتهم بل حتى الكتّاب والأدباء.. الجميع يشتركون في أن الحُبّ تحرّكهم سفينة السعادة إلى بوصلة الجمال، شاطئ الغرام، إلى فلسفة أن للحبّ ثقافة!
فما هي هذه الثقافة من وجهة نظرة سُعْليّة؟ حين تحب تتغير مفهوم السعادة لدى الجميع خصوصا العشّاق يصبح الحرفُ يتراقص يتهادى على السطر يغازل مَنْ يقرأه..
تتفتح الأيام سرورا بمن تراه وكأنها أزهار الربيع حين تحبّ تظلّ الحروف تلاحقك تطلبك أن تكتب الحبّ حرفا كلمة سطرا همسا شِعْرا نثرا حِبْرا دمعا رقراقا في اللقاء في الانتظار في الفراق في الثلاث حالات هذه تكمن فلسفة الحب وثقافته
- اللقاء:
منتهى الرومانسية وتمثلها هنا طبقة الشعراء بامتياز
فهم الأقدر على تجسيد ذلك بحرا وزنا وحرفا
- الانتظار:
منتهى القلق عند مبدعي الريشة واللون فهم الأجدر على التعبير بلوحة، بفرشاة.....
- الفراق:
ابتداء الجمال وتقطّع الطُرق عند مفصل النهاية، حين يتخثّر الحرف عند بوابة الكلام، فالكتّاب من قصّة ورواية هم الأقوى في تمثيلات هذا الفراق بين حنين اللقاء وانتظار الخوف، والخوف من المجهول وهنا لعمري انطفاء شمعة وفي نفس الوقت اشعال القنديل بجميل شخوص تتحدث عن كل الحكاية كل التفاصيل بل أدق التفاصيل بحب ومودة واحترام.
سطر وفاصلة
دائما تمنعنا الظروف، إن تحدثنا بخوف
الصراحة والصدق توأمان
العبارة والإشارة ربما تحطمان
ليت كل واحد منا يبحث عن ذاته
بين أنفاس الورق
أنفام الهوى
اهتزازتا القلوب
** **
- علي الزهراني (السعلي)