الجزيرة الثقافية - محمد هليل الرويلي:
أكدت الباحثة الأستاذة (خيرية علي محمد عسيري) أن فن المقالة يعد من أهم الفنون النثرية في عصرنا الحاضر، وأكثرها انتشارًا. غير أنّه بتعدد وسائط الاتصال، وانتشار الصحافة الرّقمية إلى جانب الصّحافة الورقيّة، وجدنا أنفسنا أمام تدفق معرفي ومعلوماتي هائل! نتج عنه «كـثـرة» في عدد الكتاب والمقالات يقابلها «انـخفـاض» في المستوى الفني، والأدبي، عند بعض من يكتبون هذا الفن.
مضيفة أنّ المقالة كغيرها من الفنون النثرية ذات الوظيفة الاتصالية النفعية (كالسِّيرة الذّاتية وأدب الرّحلة) تتأرجح بين مكونين رئيسيين، هما أدبية الفن، والغاية النفعية التي من أجلها وُجد؛ سواء أكان سردًا لتاريخ حياة كما في السيرة الذاتية، أو توثيقًا لرحلة كما في أدب الرّحلة، أو طرحًا لقضية فكرية أو إنسانية كما في المقالة.
كما أكدّت الدراسة أنه في أدبنا السعودي الحديث برز اهتمام واضح بأدب المقالة، فظهر كتابٌ وأدباء استطاعوا بقدراتهم الأدبية وذواتهم المميزة أن يَسِمُوا هذا الـفنّ بوسمهم، وأن يكون حضورهم فيه علامَة فارقةً تميزه وتميزهم لا على المستوى المحلي فقط بل حتى على المستوى العربي .. ومن هؤلاء إبراهيم بن عبدالرحمن التركي الأديب والمقالي والشاعر والإعلامي.
وزادت: الذي دعاني إلى اختيار مقالاته للدراسة هو ما وجدته لدى هذا الكاتب من عناية فائقة وتميز في فكره، وتسخير قلمه لخلق الوفاء، فاستحق أن نقتدي به فنكون أوفياء له كما كان هو وفيًا لغيرنا.
بالإضافة إلى ما تحويه مقالاته من قيمة فكرية ونقدية وتأصيلية تشخص وتوثّق الحالة الفكرية في بلادنا في مرحلة من أهم مراحلها. مع قلّة الدراسات التي تتناول المضامين الفكرية للمقالة عند الكتاب السعوديين المعاصرين.
وكشفت الأستاذة خيرية عسيري أن أهداف دراستها تهدف التالي:
1 - تقديم صورة لأدب المقالة السعودية في عصرنا الحاضر.
2 - تقديم نموذج للأدب السعودي ممثلًا في الأديب (إبراهيم التركي).
3 - إلقاء الضوء على المضامين الفكرية لأدب المقالة في السعودية من خلال دراسة المضامين عند «التركي».
4 - إلقاء الضوء على آليات البناء الفني للمقالة عنده وأبرز السِّمات الأسلوبية.
ولغزارة إنتاجه المقالي فقد انتخبت عددًا من مقالاته المجموعة في كتبه، والمنشورة في صفحات جريدة الجزيرة والثقافية، لتكون مادة البحث والدراسة.
وحول تقسيمات الدراسة وما اشتمل عليه البحث المنشور بجامعة الملك سعود (كرسي الأدب السعودي) أوضحت: قسمت الدراسة إلى تمهيد تناولت فيه: (فن المقالة والنشأة والمفهوم، والتعريف، ومولده ونشأته، وتعليمه، وخبراته العلمية، وتكوينه الفكري والمعرفي).
وقد اشتمل (البحث الأول) على المضامين الفكرية التي تناولها إبراهيم التركي في مقالاته، وقسمتها إلى قضايا فكرية وثقافية، وتشمل (نقد الخطاب الإعلامي، هموم المثقف وإشكالياته، الفساد، الطائفية، الحزبية والقبلية، هموم المجتمع، قضايا عربية) فيما اشتمل (البحث الثاني) الآليات الفنية، وقسمت إلى البناء الفني للمقالة ويشمل: العنوان والمقدمة والعرض والخاتمة وحجم المقالة من حيث الطول والاختزال واللغة والأسلوب وتشمل اللغة والألفاظ والجمل والتراكيب والأسلوب وسماته وأبرز الظواهر الأسلوبية. ثم اختتمت دراستي ببيان أهم ما توصّلت إليه من نتائج وتوصيات.