عبدالله عبدالرحمن الغيهب
الخيانة كلمة تنفر من سماعها الآذان وتخافها الأبدان وتكرهها العقول، الخيانة تعني نقض العهود والمواثيق، كلمة الخيانة تنكب لكل الأخلاق والقيم، نهى الإسلام عنها وتوعد فاعلها بالعذاب الشديد لخطرها وشناعتها ومخالفتها لكل خلق كريم، ما دبت في منزل إلا دمرته ولا مجتمع إلا نخرت علاقاته، ولا دولة إلا أفسدت تعاملاتها أموالاً وأعمالاً ومرافق ومراكز وظيفية وكل علاقة حميدة.
يقول الحق إن الله لا يحب الخائنين، فنقض العهود إخلال وميل عن الطرق السوية، فإذا وقعت بين الأزواج كثر النزاع وغيم الشك على الأنفس، وحلت الريبة والظنون محل الثقة ولم يعد هناك طمأنينة ولا سكينة وضاعت العشرة وعم النكد، فهي معول هدم وبلاء وضياع، وهنا أحب أن أضيف وجهة نظري حول ما يعتبره البعض خيانة مثل امتداد النظر إلى غير المحارم أو التعدد دون معرفة الزوجة الأولى أراه لا يرقى لدرجة الخيانة ولا أحبذه لما يحصل بسببه من خلافات تكدر صفو الأسرة سرعان ما تنتهي بالتفاهم بين الأزواج، وهناك خيانة الوطن فهي الأخرى كالسوس ومثل ذلك الصداقات والبيع والشراء وكل أمور الحياة، فنقض المواثيق خيانة وإشاعة السر خيانة ومناصرة العدو المتربص بالوطن خيانة، التعدي على الحرمات خيانة وكتم الشهادة خيانة إضاعة وتبديد المال العام خيانة، كثيرة هي طرق الخيانة كذب وتزوير أو تعدٍّ بفعل أو قول يطمس حقاً ويثبت باطلاً، حتى إساءة التربية وعدم الاهتمام بالأسرة ومصالحها يعتبر خيانة ينتج عنها أضرار بالغة بالأسرة والمجتمع، فترك الرجل رعاية أولاده أو التهاون في إدارة شؤون البيت وتركها لسائق أو خادم يعتبر تهاوناً وتكاسلاً في أداء الواجب، ينتج عنه مفاسد عظيمة ومنها مرافقة قرناء السوء والغياب عن المدرسة وترك الصلاة وهذا إخلال بالأمانة.
الخيانة وقعها شنيع صغرت أو كبرت، وقعت بقصد أو غير قصد، لما تخلفه من أثر بالغ الخطورة لا ينفع معه اعتذار أو مسامحة، فمن يفشي سراً أو يهمل عائلة أو يناصر عدواً ضد وطن مثل هذا العمل خيانة وغش وتجاوز لكل القيم لا ينفع معه تأسف ولا غيره، فالإسلام جاء ليتمم مكارم الأخلاق ويأتي في مقدمة ذلك النصح للأمة وتعني الوطن بأكمله وليس جماعة بل جماعة وأرضاً، جبالاً وسهولاً بحراً وسماء، وأيضاً من مكارم الأخلاق رعاية الأسرة والمحافظة على مصالحها وقول الحق وصلة الرحم وبر الوالدين وحق الجار، وإفشاء السلام وأداء العبادات والصدق في البيع والشراء، كل هذا لا يجوز التساهل في أدائه لتكتمل منظومة الأخلاق التي جاء الإسلام لتعزيزها والحث على أدائها؛ ليسعد المجتمع وتقوى اللحمة ويدوم الأمان والمحبة بين الناس.