شهر رمضان موسم اجتماع للمسلمين، نتذكره ونعيشه كل عام، وهو موسم يتطلع فيها الصالحون لرحمات الله تبارك وتعالى، وينتظرون فيها فرجه ومدده، وحسن عطائه لمن أطاعه، وصبر على أوامره، وابتعد عن نواهيه، شهر رمضان المبارك هو شهر التكافل الاجتماعي بكل مقاييسه ومعاييره فقد حث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الجود والعطاء، وشجع فيه على بذل الصدقات.
من فضل الله على عباده أن جعل لهم مواسم كثيرة من الطاعات، يتقربون فيها إليه سبحانه بفعل العبادات طلبا لرحمته، وسعيا لعفوه، وكسبا لرضاه، وطمعا في مغفرته، ورغبة في الفوز بجناته التي عرضها كعرض السماوات والأرض.
يوحد الصوم المسلمين كلهم حيث يدري الصائم أن أمته المسلمة في مشارق الأرض ومغاربها تصوم في آن ووقت واحد، مما يشعره بالتلاحم مع المجتمع الذي يرتبط به في بلده وفي كل أنحاء العالم، كما يجعل المسلم يشعر بسهولة الصيام لأن الناس من حوله كلهم صائمون.
شهر رمضان موسم الخير والعطاء ومناسبة الطهر والصفاء وفرصة البذل والنماء وظرف المحبة والمودة والإخاء وطريق البر والسعادة والهناء. ومن أعظم مواسم الخير، ومن أفضل مواسم الرحمة، ومن أحلى مواسم الطاعة {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ} (البقرة: 185) إذا كان رمضان هو موسم الخيرات وموسم المتقين والصالحين فمن الواجب على المسلمين أن يشدوا أزرهم في هذا الموسم ويترقبوه ويزيدوا من نشاطهم وعبادتهم فلا بد لهم من أن يجمعوا أمرهم، ويغسلوا أدرانهم، ويطهروا أجسادهم، ويرمضوا ذنوبهم، ويرضوا ربهم، ويسعدوا بدينهم في موسم الطاعات ومنهل الخيرات.
في هذا الشهر الفضيل تتجدد العقول بدروس العلم والمعرفة، وفيه تتجدد القلوب بالإيمان والعبادة وفيه تتجدد الأسرة بالتلاقي والترابط ويتجدد المجتمع كله بحسن الصلة والبحث عن الفقراء والمساكين وإطعام الجائعين، فشهر رمضان فرصة ثمينة للعطاء ومساعدة المحتاجين وتربية النفوس على معاني البر والتكافل الإنساني والبذل والتصدق وإسعاد الآخرين وتخفيف همومهم واستثمار عظمة هذا الشهر المبارك وفضائله.