د. أحمد محمد الألمعي
مرَّ أكثر من نصف شهر رمضان الكريم، وبدأ الكثير منا يعاني من تغيير في عادات النوم وتأثيرها، وهذا وقت مناسب للحديث عن الأرق ومضاعفاته. يبلغ متوسط انتشار الأرق في عامه الناس بين 20-15 % تقريبًا، في حين أن ما يقارب من 30 % من عامة الناس يعانون من قلة النوم (أي صعوبة في بدء النوم أو الحفاظ عليه، الاستيقاظ في الصباح الباكر، النوم غير المريح في أي وقت معين). وتشير الأبحاث إلى أن حوالي 4 % من الناس يستخدمون الحبوب المنومة بشكل منتظم. ومشاكل النوم هي ضمن أعراض كثير من الأمراض الطبية والنفسية ويمكن أن يعاني الشخص من اضطراب النوم بشكل منفرد، ولكن المهم في هذه الصورة كون قلة النوم يتسبب في كثير من الأمراض الطبية والنفسية إذا لم يتم علاجه. وتتميز أيام شهر رمضان المبارك بأجواء مختلفة عن باقي أيام العام، وخاصة خلال الليل الذي يحييه المسلمون بالعبادات، ويتناولون خلاله الطعام الذي يمتنعون عنه طوال ساعات النهار، ويقومون ببعض الأنشطة التي يتجنبونها أثناء الصيام. وتشمل العوامل المؤثّرة؛ تناول الطعام في وقت متأخر مثل وجبة السحور، بدأ العمل في وقت متأخر من ساعات الصباح، زيادة الواجبات الاجتماعية وزيارات الأهل والأقارب في مساء رمضان والسهر الذي يصحبها بالإضافة إلى مشاهده التلفاز بكثرة والمسلسلات التليفزيونية الرمضانية وغيرها من العادات والأنشطة التي تميز شهر رمضان عن غيره.
وتؤثّر هذه الحياة الليلية المميزة بشكل واضح على عدد ساعات النوم وتوقيته وجودته، فبسبب هذا التغيّر في النمط اليومي المعتاد والنوم القليل أثناء الليل، يعاني البعض من الصداع وصعوبة التركيز وتغيّر المزاج، مما يؤثِّر على حياتهم خلال النهار وعلى أداء أعمالهم، كما يتسبب في مشاكل اجتماعية وكثير من مواقف العنف غير المبررة التي نشاهدها في نهار رمضان إذا أضفنا لهذا المزيج صعوبة التأقلم مع الصوم لدى البعض بسبب عادات غير صحية والنتيجة كارثية. وبقدر أهمية عدد ساعات النوم في رمضان، فإن نوعية النوم أثناء الليل مهمة جداً. وتظهر بعض أعراض الحرمان من النوم في شكل النعاس المفرط والتثاؤب أثناء النهار، الشعور بالتعب الشديد، ضعف المهارات الحركية، انخفاض التركيز وصعوبة التفكير، التغيّرات المزاجية والسلوكية، التي قد تشمل الشعور بالقلق أو التوتر وسرعة الانفعال بالإضافة إلى اضطرابات المعدة، ومشاكل طبية أخرى.
ولتلافي اضطرابات النوم في هذا الشهر الفضيل والمضاعفات التي قد تسببها انصح بالتالي:
1 - تحديد ساعات النوم وتنظيمها والذهاب للفراش في ساعات معينة يومياً كجزء من الروتين اليومي والتمسك بذلك على قدر المستطاع مما يساعد في تحسين جودة النوم.
2 - تخصيص عادات معينة للنوم مثل لبس البيجامة والنوم في الظلام وقراءة القرآن.
3 - تجنب العادات السيئة قبل النوم التي قد تؤثّر سلباً عليه، مثل التلفزيون والهواتف المحمولة والحواسيب التي تحفز عقلك وتجعلك مستيقظاً في أوقات النوم، كما يؤثّر الضوء المنبعث من هذه الأجهزة على إيقاع الساعة البيولوجية للجسم، ولذلك من الأفضل تجنّب استخدام الأجهزة الإلكترونية لمدة ساعة أو أكثر قبل النوم.
4 - نَظم تناول المنبهات؛ يسرع الصائمون إلى تناول الشاي والقهوة عقب الإفطار بعد الحرمان منهما طوال اليوم، ولكن قد يؤثّر ذلك سلباً على جودة نومك لاحقاً، ولذلك يفضّل تنظيم تناول المنبهات وعدم الإفراط بها، وتجنبها قبل أوقات النوم، حيث يستغرق التخلّص من تأثيرها على الجسم من 4-6 ساعات أو أكثر.
5 - تجنب الأطعمة الدسمة.
يتناول البعض طعاماًَ دسماً خلال وقت الإفطار، ويأكلون نفس الوجبات عندما يشعرون بالجوع بعد مرور بضع ساعات، ويؤثّر هذا الطعام الدسم سلباً على جودة النوم، لذلك ينصح بتجنب الوجبات الثقيلة قبيل ساعات النوم، والإكثار من تناول الخضراوات.
6 - خذ قيلولة جيدة وقصيرة خلال اليوم يمكن أن يكون حلاً رائعاً لمساعدتك على قضاء فترة ما بعد الظهيرة الطويلة، ولكن احرص على ألا تزيد على 30 دقيقة، وإذا كنت تعاني من الأرق، فمن الأفضل تجنب القيلولة تماماً حتى لا تؤثّر على نومك في الليل.
7 - تعرّض لضوء الشمس الصباحي فذلك يساعدك على ضبط إيقاع الساعة البيولوجية لجسمك وأنماط النوم، وقد يساعد قضاء 15 إلى 30 دقيقة في ضوء الشمس المباشر فور الاستيقاظ من النوم على تخفيف آثار النوم القليل وتخفيف التعب وتعزيز الشعور بالاستيقاظ 8- وأخيرًا مارس بعض التمارين الخفيفة مثل المشي للحصول على دفعة من هرمون الإندورفين لتحسين مزاجك، كما تعمل على ضخ الطاقة في جسدك لمساعدتك على قضاء اليوم.
تقبل الله صيامكم وقيامكم وأعانكم على العبادات.