المرء أحياناً يعشق متابعة اللِّقاءات الحوارية الثَّقافيَّة الهادفة التي تعرض عبر الوسائل الإعلامية المتعدِّدة في وطننا العربي الكبير التي تعرض قضايا السَّاعة التي تهم أكبر شريحة في المجتمع العربي في حياته، ومدى تأثيرها على المستوى الطويل في شتَّى مجالات الحياة وما تحتويه تلك اللِّقاءات من مفاهيم اجتماعيَّة رائدة، وآراء هادفة، وأفكار بنَّاءة وأمور اقتصاديَّة وسياسية وأمنية مهمَّة فإن المجتمع العربي بحاجة ماسة لهذه اللِّقاءات مع فئة المجتمع العربي المثقف من أدباء ومفكرين وعلماء وساسة وفقهاء لتقديم ما لديهم من علم ومعرفة ونقد بناء، وذلك من أجل تقديم الرأي المفيد لأفراد الأمة بشكل عام وتوعية الفرد وصقل مواهبه الذهنية والعقلية التي تشبعه بقدر الامكان من معلومات شتَّى وأنشطة ترويحية هادفة محصنة ضد التيارات الفكرية، والتحديات الثَّقافية المستمرة التي تتعرض لها أمتنا العربيَّة ورغم ما يطرح على السّاحة من قبل هؤلاء المثقفين من تنوع الأساليب التربوية والوسائل الثَّقافيَّة طبقاً للمستوى الاقتصادي وللظروف البيئية والتَّاريخيَّة فإن هناك تشابهاً كبيراً في الاحتياجات الثَّقافية للفرد العربي حيث إنهَّا وسيلة مضمونة مهما اختلفت ظروفها الاقتصادية والاجتماعيَّة، إلاَّ أنهَّا تنمي الوعي وتثقف المتلقي وتعده مؤهلاً بالخبرات العالية لكي تصنع منه رجلاً قادراً على تحمل المسؤوليَّة في المستقبل وتأخذ بيده إلى طريق الصّدق والمعرفة والسّلوك السوي.
حيث إن هذه اللِّقاءات الثَّقافية تلعب دوراً مهماً ومؤثراً وفعَّالاً في تربية وتثقيف وتوجيه الفرد العربي، فالجيل الحالي كما قال العلماء والباحثون بحاجة ماسة لهذه العلوم والمعارف التي تدار عبر اللِّقاءات الحوارية التي تحث على القيِّم الدِّينية والانسانيَّة، وتقوي الشّعور بالانتماء إلى الديّن والوطن، وتعمق الإحساس بالمسؤوليَّة، وتقوي الإرادة والثّقة بالنفس، وتدعم روح التَّعاون والتّضامن، وتنمي الطاقات الذِّهنية، والقدرات اليدوية، والتّذوق الفني، والتأكيد على النظرة العلميَّة الواسعة التي تساعد على مد الإنسان وتنمي مداركه فهذه خطوة كبيرة في سبيل وحدة فكريَّة حضاريَّة تلبي احتياجات الفرد الذهنية والنّفسية على أسس علميَّة سليمة فإن هذه تعتبر ثروة علميَّة سيكون لها أثر هائل في خدمة المرء العربي ونستطيع القول - في ضوء ما تقدم ذكره - بأن هؤلاء المتحدثين لا يكون حديثهم وقولهم واضحاً حتى يقرأ ويفهم كثيراً على نطاق الوطن العربي الكبير، بل يكون حديثاً بقدر تأثيره وانتشاره وخلوده على مسامع أفراد الأمة فقد أخذت هذه الحوارات تسير في طريق الانتشار حتى أصبحت تندرج تحت اسم اللّقاءات الثقافية الهادفة التي يلقيها العلماء وأصحاب الاهتمامات عبر وسائل الإعلام المختلفة فهي عبارة عن عملية إبداع يتجلى فيها الواقع من خلال الفرد الذي يكوِّن مع الفنِّ وحدة واحدة، وأدبنا القديم والحديث يذخر بأمثلة كثيرة، فما أكثر الأعمال الأدبية من قصص وأشعار ومسرحيات فقد امتدت جذورها إلى مناطق عديدة، وإلى أمم وشعوب لم تكن تُعرف من قبل ووجدت نفسها مشغولة بالأدب العربي الرافد من بلاد العرب وتأثرت به وأثر فيها فقد اتصل قديمه بحديثه اتصالاً مباشراً لا انقطاع فيه ولا التواء فيه، فإن أدبنا العربي أشبه بالشجرة الكبيرة التي ثبتت جذورها وامتدت في أعماق الأرض والتي ارتفعت أغصانها وانتشر في أجواء الفضاء والتي مضت عليها قرون وقرون وما زال ماء الحياة فيها غزيراً يجري في أصلها الثّابت في الأرض وفي فروعها الشّاهقة في السّماء فهذا هو أدبنا العربي الذي يتميز بقوته واصالته وعالميته التي تمتد عبر الزمان والمكان.
يتميز بارتباطه أشد الارتباط بالواقع العربي، وبالإنسان العربي فمعظم الأعمال الأدبية تتوغل في المحلية، وتكشف عن أعماق وأبعاد النفس الإنسانيَّة التي تتميز برهافة الحس وبرؤيتها الصادقة، وكلها تقود أدبنا إلى طريق العالمية وهنا يتعظم دور الأدباء العرب، من خلال واقعنا العربي بصدق وإخلاص وأمانة.
والله الموفق والمعين.