إيمان حمود الشمري
تسير رؤية المملكة وفق خطين يتقاطعان عند نقطة واحدة تشرح مفهوما واحدا، وهو أن (مواكبة التطور لا تعني التخلي عن الجذور)، وهذا ما اتضح لنا بعدة فعاليات جعلت الجيل الجديد يتمسك بالماضي، وينبش في مقتنيات أجداده ليواكب الحاضر بما يتلاءم مع الفعالية الحالية، ابتداء من فعاليات تُعنى بالتاريخ والتراث والأزياء التاريخية، وانتهاءً بمسابقة تم طرحها من قبل الهيئة العامة للترفيه وتحت إشراف معالي المستشار تركي آل الشيخ الذي لفت أنظار الجميع، وفتح باب المشاركة منذ عام 2019 من جميع دول العالم لمسابقة تعنى بتلاوة القرآن الكريم وأداء الأذان.
(عطر الكلام) برنامج مسابقات فريد من نوعه، يركز على جماليات الصوت ومهارة نطق الحروف دون التركيز على حفظ المشتركين، ومنذ أن انطلقت المسابقة التي تزامنت مع وباء كورونا انهالت آلاف المشاركات عن طريق إرسال مقاطع فيديو مصورة لمشتركين يؤدون الآذان ويقرؤون القرآن بأصوات جميلة تقشعر لها الجلود، إذ تقدم للمسابقة 42 ألف مشترك من ثمانين دول يتنافسون على الفوز، وتم رصد ميزانية بقيمة 12 مليون ريال سعودي تتناسب مع أهمية وقيمة المسابقة التي تنقسم بها الأصوات بين أصوات تصدح بتلاوات عذبة وأصوات تنادي بحي على الصلاة حي على الفلاح.
انطلق البرنامج رسمياً هذا العام في شهر رمضان المبارك وتم بثه على قناة السعودية بالإضافة لتطبيق شاهد في تمام الساعة الخامسة مساء، وحظي باهتمام كبير وسط ضجيج وزحام السباق الرمضاني المكتظ بالبرامج، إلا أن برنامج (عطر الكلام) وجد له مكاناً للتنافس وجذب المشاهدات والمتابعات كبرنامج مسابقة آذان وقرآن في شهر القرآن.
ثلاثة عشر عضواً من لجنة التحكيم من دول مختلفة من أساتذة وعلماء يقومون بعملية تقييم يتقلص بها عدد الأصوات كلما ارتفعت معايير التقييم ، حيث بلغ عدد المتسابقين 36 متسابقا من خمس عشرة دولة يتم تصفيتهم على ست مراحل تتسابق فيها أجمل الأصوات في منافسة محفزة تسودها الروحانية والأجواء الإيمانية التي تشحذ الهمم وتحفز الأجيال للاعتناء بكتاب الله، وإحياء شعيرة من شعائر الإسلام وهو الآذان الذي يرتبط بتوقيت زمني يختص به المسلمون عن غيرهم لدخول وقت الصلاة.
برنامج (عطر الكلام) أول مسابقة في العالم تتفرد بها بلاد الحرمين، تجمع بين تلاوة القرآن الكريم والآذان وتجعلنا نركز على الأداء والنطق والصوت لتتفوق بذلك موهبة جمال الصوت على مهارة الحفظ، وتعيد للأذهان زمن المسابقات القيمة التي تثري الجمهور العربي والإسلامي. كل الشكر للهيئة العامة للترفيه وكل الشكر لمعالي المستشار تركي آل الشيخ على هذا التفرد.