عبده الأسمري
تمضى عجلة الحياة رغماً عن الويلات والمتاعب والأحزان وتسير وفق منظومة «زمنية» لا تتبدل باختلاف أحوال البشر.. ونبقى وسط كل ذلك ماضين في «دروب» تحمل لنا «تأكيدات» مغلفة بالتوجس و»تنبوءات» مشبعة بالحذر..
يسير الإنسان باحثاً عن «المال» في اتجاهين الأول كعصب للحياة ووسيلة اضطرارية للعيش بعيداً عن ذل المسألة أو هوان الحاجة والثاني لإشباع «نهم» الطمع الذي جبلت عليه «النفس».. ويمضي في دوائر متعددة من «الوظائف» و»المشاريع» ستنتهي ذات يوم بالتقاعد أو الخسارة أو التشبع.. في حين أن هنالك من يتناسى أهمية وجود «الصحة» كعامل رئيس لا تكتمل الراحة إلا بوجوده مهما ارتفعت أرقام وأرصدة «الأكتفاء» أو «الثراء».
هنالك من يمضي في مسارب «الغفلة» متناسياً أهمية «الستر» وضرورة «الأمن» فكم من الأموال التي لم تشفع لصاحبها في الشعور بالأمان أو العيش في ظل الارتياح بعيداً عن السقوط في «براثن» السوء أو الوقوع وسط «مصائد» العزة أو الانهزام أمام مكائد «الظلم»..
في قراءة عميقة للتاريخ نرى أن هنالك مجتمعات عاشت في أمن وأمان في حقب زمنية سابقة وكانت تعيش في مستوى «اليسر» وداخل حدود «الستر» ثم جاءت «الفتن» كأقدار إلهية نزلت بحكمة ربانية لاختبار موازين «العباد» بين الشكر للحال والكفر بالنعم فجاءت مراحل مضنية ومتعبة ومؤلمة نظير عدم استفادة «البشر» من مضامين «القدر» التي جاء في شكل «ابتلاء» مخفي لمعرفة ردود أفعال الناس الذين دفعوا «الثمن» باهظاً نظير تورطهم في «نكران علني أو اعتزاز وهمي بعيداً عن تقدير وتعبير تلك «الهبات» القدرية التي جاءت لتكشف التعامل والتعايش الأمثل مع معطيات «الرحمن» وعطايا «الرحيم»..
تصدح الجوامع والمساجد في كل العالم الإسلامي هذه الأيام الفضيلة بجوامع الدعاء التي ترتفع من القلوب والأرواح تضرعاً وخفية إلى رب العالمين وسط «ابتهال» و»ذل» و»خضوع» تمثل الواقع الحقيقي لنا كبشر والمصير الطبيعي لنا كعبيد.. وعلينا أن نعلم أن هذه الأدعية ستكفي عنا «شرور» على وشك الوقوع وتدفع عن «بلاءات» أمام أمر القدر.. لذا فإننا دوماً سائرون وماضون في دروب من «الحاجة» وفي دوائر من «الاحتياج» لا تنفعنا فيها قوتنا ولا مكانتنا ولا تاريخنا ولا مناصبنا ولا جاهنا ولا أمان سوى أن ندفع السوء بالرجاء للقادر ونرفع الطلب بالالتجاء للمقتدر.
لا سلامة لأي مجتمع من «فتن» خفية قد جاءت في «أمهال» حكيم يتطلب «التفكر» و»التدبر» و»التبصر» حتى ننجو من «إهمال» مستديم يجعلنا غافلين أمام «أقدار» حتمية قد تنقلنا من حالة «الاستقرار» إلى مصير «الدمار»..
يكتظ هذا «الزمن» بالاتجاهات المريبة والابعاد المشبوهة وسط «تبدل» لأحوال الناس و»تغير» لمصائر البشر وفي ظل غفلة تستدعي «اليقظة» قبل فوات الأوان فما نراه من تغير «النفوس» وسطوة «المصالح» وحظوة «التفاهة» وتغيير بوصلة «المنافع» وتهميش العقلاء وتغافل الحكماء وتأجيج الفتن وترويج السفه يحتم إعادة النظر في العديد من الأمور الحياتية وسط «تخوف» وارد من عدم وجود «أجيال» مسؤولة تتناقل إرث «الأمة» وتحمل «هم» المجتمع للنهوض في مواجهة المتغيرات والوصول إلى «النجاحات» من خلال العقول ومن واقع المنجزات وليس من باب «السخرية» و»التفاهات».
الى أين نحن سائرون كعرب ومسلمين؟.. وماذا يحمل لنا المستقبل.. الحذر ضروري والحيطة واجبة والالتزام بالقيم حماية لنا من «المحن» والثبات على الأصول وقاية لنا من «الفتن» وحيث ما ولينا قلوبنا وعقولنا في السراء والضراء وجدنا الله المعطي الوهاب أمامنا وهو من ينقذنا ويشدد أزرنا ويقوينا ويسندنا ويعيننا إلى المضي عبر هذه الدروب مهما طالت خطواتها وتنامت صعوباتها وارتفعت عقباتها.. علينا «الثبات» أمام «موجات» التغير و»الإثبات» حول «هجمات» التغير.. فالرقي والنجاح والتفوق لا تليق إلا بأصحاب «العزائم» الرافضين للتشكلات الدخيلة والذين ينشرون عبير «المعارف» لأجيال وراء أخرى.
نحن على «ثغور» وفي حالة من الدفاع عن قيمنا ومقاماتنا تقتضي الانتفاع من التجارب والاغتراف من المشارب التي تضمن لنا تحقيق كل الأهداف النبيلة التي ترجح «كفة» الرقي في كل اتجاهات الماضي والحاضر والمستقبل.