د. محمد بن صقر
قد يكون الطرح الإعلامي والمحتوى الذي يحمله متغيراً في ظل محركات التغيير التي نشهدها، فالسخرية السياسية أو الفكاهة السياسة الإعلامية لم تعد مقصورة على الخطابات أو المقالات أو الآراء الفضائية أو حكراً على جهات ودول دون أخرى، وإنما وصلت إلى مستوى المشاهد التلفزيونية الجريئة وذات أبعاد مختلفة وأقصد هنا في منطقتنا العربية، وإذ ما حاولنا تأطير هذه المسألة نظريا نجدها نابعة من نظرية التفوق حسب كتابات هوبز ولكن تاريخياً تعود، كشكل من أشكال الفن وطريقة للخطاب المقنع، إلى اليونان القديمة وروما. لقرون عديدة، ففي تلك الفترة أذهل السياسيون والمواطنون والنخب وخافوا من تأثيرها القوي - والساحر - على الرأي العام وكتب حولها الكاتب الأثيني أريستوفانيس، العبقرية الكوميدية للنقد السياسي» واستكشف موضوعات عن المكانة، والسلطة، والحرب، وكل ذلك في إطار مسرحية جعلت هجاءه فكاهياً ومثيراً. على الرغم من هذا التاريخ الثري، بدأ العلماء للتو في تحديد تأثير الفكاهة السياسية على المواقف والإدراك وسلوك الجماهير. فلقد طور علماء اللغويات وعلم النفس وعلم الاجتماع نظريات لحساب دور الدعابة في المجتمع وتأثيرها في الجمهور. وقد ظهر العمل التجريبي الأساسي حول تأثير الفكاهة أو النكتة السياسية على مدى العقد الماضي من تخصصات الاتصال والعلوم السياسية وعلم النفس. في أواخر التسعينيات، عندما ظهر المرشحون السياسيون في البرامج الترفيهية والبرامج الحوارية، وبدأ علماء الآثار الإعلامية بدراسة تأثير الأشكال غير التقليدية للمعلومات السياسية على الجمهور. في حين تم تضمينها لأول مرة ضمن مصطلحات شاملة مثل «الأخبار الناعمة» أو «البرامج الحوارية» ولعلنا نطرح تساؤلا مهما هنا وهو من هو جمهور الفكاهة السياسية ومن الأشخاص الأكثر تأثيرا به، لقد خلصت عدة تقارير من مركز بيو للناس والصحافة إلى أن الشباب، أكثر من كبار السن، كانوا يتحدثون بشكل متزايد عن تعلم السياسة من البرامج الكوميدية وأنها أصبحت بالنسبة لهم مادة سهلة ومقنعه لفهم كثير من القضايا السياسية وبشكل ساخر وبعيد عن الغوص في التحليل السيسولجي للفكاهة السياسية عندما طرح تساؤلا في أن: هل الدعابة السياسية عامل تأثير أم مجرد مقياس للرأي العام؟ خاصة إذا كان الجمهور متفاعلاً في انتشار وخلق معنى وفرضها أن تكون تحت الأضواء، فهل يمكن أن يعزز ذلك قدرتها على الإقناع بشكل بديهي، ونحن نعلم أنالموضوعات التي يتم التعامل معها بطريقة فكاهية غالبًا ما يُنظر إليها على أنها أقل هجومًا مما لو تم عرضها بجدية الإجابة في اعتقادي أشبه بكرة الثلج الذي ستكبر بشكل كبير وتكون بمثابة للفت الانتباه حول مواضيع قد تكون غير مدرجة ضمن الخطابات السياسية أو الحوارات أو اللقاءات وقد تكون بمثابة إحراج للإدارات السياسية خاصة إذا ما تناولتها وسائل إعلامية وقامت بتحليل الأبعاد السياسية لهذا الطرح ولعل المشاهد التلفزيونية المتعلقة بالرئيس الأمريكي بايدن أكبر دليل على كيفية تعامل وسائل الإعلام الأمريكية مع هذه الفكاهة السياسية التي قد يكون بايدن في يوم من الأيام في مواجهة مع الشعب والجماهير بسبب الضغط الجماهيري عليه وبناء صورة نمطية إعلامية حوله ففي مثل هذه الحالة أدعو مراكز التفكير والدراسات أن تتعاون مع برامج التلفزيون ومع أبطال الفكاهة السياسية للقيام بمجموعة من الدراسات والأعمال والأبحاث لمعرفة تأثير الدعابة السياسية. ودعوة أبطال الفكاهة السياسية بشكل متزايد لتبني أساليب متنوعة ومناهج مبتكرة. من خلال نماذج البحث التعاوني والاستطرادي لفهم المعنى السياسي وأهمية هذه المجموعة المتنوعة من النصوص والعروض الدعائية بشكل كافٍ.