أ.د.عثمان بن صالح العامر
من الظواهر العالمية التي تتستر بلبوس الفقر والمسغبة وتخفي خلفها مخاطر أمنية متنوعة ومتعددة، وذات وجوه مختلفة وأشكال متجددة، أثبتتها التقارير الميدانية، وكشفتها الجهات الأمنية ظاهرة (التسول). ولخطورة الأمر على الاستقرار المجتمعي والأمن الداخلي فقد صدر من مقام مجلس الوزراء الموقر في السابع من شهر صفر هذا العام 1443هـ نظام مكافحة التسول، عقب ذلك صدر مرسوم ملكي برقم (م/ 20) وتاريخ 9-2-1443هـ أوضح عدداً من المواد المتعلقة بهذا النظام ، ومع أن تطبيق النظام مضى عليه فترة ليست بالقصيرة إلا أنني انتظرت حتى يمضي شطر من شهر رمضان الكريم الذي يستغل فيه هؤلاء المتسولون العاطفة الدينية الجياشة لدى الصائمين الراغبين في الأجر من الله عز وجل لأرى مدى أثر تطبيق هذا النظام على تلاشي هذه الظاهرة أو على الأقل انحسارها.
وها نحن نودع نصف الشهر والجهود الأمنية والمتابعة والرصد - على الأقل في المنطقة التي أقطنها (حائل) - جعلتنا لا نرى من يقف عند إشارة المرور أو مكائن الصرف أو أبواب المساجد، نساء ورجالاً ، صغاراً وكباراً، بصكوك بالية، وتقارير طبية مقطعة، مع إظهار العجز وعدم القدرة على الكسب، وربما تخفى الرجال بملابس النساء.. صار عمال النظافة لا يتذاكون علينا في الوقوف عند باب البيت حين نهم بالخروج رغبة بالعطاء، حتى أولئك النسوة التي كنا يطرقن الأبواب من بعد العصر حتى ساعة الإفطار لا وجود لهن في هذا الشهر الفضيل.
والمملكة العربية السعودية حين أقرت هذا النظام، وشددت في التطبيق، وضاعفت العقوبات ليس من باب إيصاد أبواب الجود في وجوه محبي الخير أهل البذل في هذا البلد المعطاء بل سداً لهذه الثغرة الأمنية، وتنظيماً لحركة العطاء الخير في هذا الشهر المبارك بل في بقية أيام العام ، فهناك منصة إحسان، والجمعيات الخيرية ذات الحسابات الرسمية الموثوقة التي تعرف الفقراء وذي العوز بالاسم والموقع، فضلاً عن وجود الضمان الاجتماعي الذي توليه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية جل اهتمامها.
إنني بصفتي مواطناً يرفل بثوب الأمن وينعم بالأمان أثمن وأشكر وأقدر الجهود التي يبذلها هؤلاء الأبطال رجال أمننا البواسل الذين كانوا وما زالوا يقدمون الغالي والنفيس في كل ما من شأنه راحتنا وسلامتنا وأمننا وطمأنينتنا نحن وعوائلنا في جميع مناطق بلادنا الغالية. يتحقق ذلك في ظل توجيهات ولاة أمرنا وقادتنا وحكامنا الحكماء العظماء، أصحاب العزم والحزم معاً ، حفظ الله لنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو وزير الداخلية ذخراً وفخراً للوطن والمواطن، وأدام عزنا، وحمى بلادنا الغالية أرض الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، وجمع كلمتنا، ووحدنا صفاً متراص اللبنات خلف قيادتنا المباركة وعلمائنا الربانيين، ونصر جندنا المرابطين في الثغور وعلى الحدود، وأعان وسدد رجال أمننا البواسل وأعلى رايتنا في المحافل الإقليمية والعربية والإسلامية والعالمية، ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.