«الجزيرة» - الرياض:
طوّر فريق دولي من الباحثين بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية نموذجًا للتنبؤ بالطقس واختبره باستخدام عمليات محاكاة أُجريت على الحاسوب العملاق شاهين 2 التابع للجامعة، ونشرت نتائج الدراسة التي أجروها في مجلة علم الأرصاد الجوية المائية (Hydrometeorology). وقد توصلت الدراسة إلى أن تركيب الألواح الشمسية على امتداد جزءٍ من الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية تؤدي إلى توليد ما يكفي من مياه الأمطار لتلبية احتياجات الاستهلاك السنوي لخمسة ملايين شخص.
فالمملكة تعاني بسبب أزمة مياه حادة في وقت تشهد فيه زيادة في الطلب على المياه لأسباب تعود إلى النمو السكاني وكثافة الأنشطة الصناعية والزراعية التي تدور فيها، كما أن كميات المياه الجوفية الأحفورية - التي تستغلها المملكة من طبقات المياه الجوفية الكامنة في أعماق الأرض منذ 9000 عام - آخذة في النضوب بسرعة، بينما تتناقص كمية الأمطار السنوية - النادرة في الأصل - في معظم المناطق. وعلى الرغم من ذلك فإن معدل الاستهلاك الفردي للمياه في المملكة، البالغة 300 طن سنويًا، يعد أحد أعلى معدلات الاستهلاك الفردي على مستوى العالم. وعلى الرغم من أن عملية تحلية المياه ومعالجتها توفر 2 جيجا طن من المياه سنويًا يلاحظ أن كلتا العمليتين مستنزفتان للطاقة ولا قدرة لهما على تلبية الطلب المتزايد على المياه في البلاد.
ويستهدف فريق جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بقيادة جورجي ستنشيكوف معرفة ما إذا كان في إمكان التغييرات التي أجرتها في منطقة مساحتها 150 × 103 كيلومتر مربع على امتداد الساحل الغربي للمملكة زيادة معدل هطول الأمطار في المنطقة باستغلال كميات المياه التي تتبخر من البحر الأحمر كل عام. وقد ابتكر الفريق المكون من علماء من المملكة وألمانيا وفرنسا وروسيا نموذجًا للتنبؤ بالطقس يناسب المنطقة، ثم أجروا عمليات محاكاة على الحاسوب شاهين 2 التابع لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بعد تغذيته مسبقًا ببيانات عن درجات حرارة سطح الأرض والبحر والرياح وتضاريس الأرض والأمطار، وسيناريوهات تم فيها تغيير خصائص الأرض المختلفة مثل التشجير ورطوبة التربة وانعكاس طاقة الشمس على سطح الأرض.
ويوضح ذلك عالم الأرصاد الجوية في جامعة الملك عبدالله سليمان مستمندي بقوله إن الدراسة أظهرت أن تقليل نسبة ضوء الشمس المنعكس على سطح الأرض - المعروف باسم بياض سطح الأرض - يرفع درجة حرارة الأرض، وبالتالي يزيد فارق التباين في درجات الحرارة بينها وبين المحيط الأكثر برودة، ما يؤدي بدوره إلى زيادة نسيم البحر وحمل المزيد من بخار الماء إلى الداخل وزيادة معدل هطول الأمطار.
والأهم من ذلك أن دراسة الفريق أثبتت أن تقليل بياض سطح الأرض ممكن عن طريق تركيب الألواح الشمسية على امتداد الجزء المشار إليه من السهل الساحلي الغربي للمملكة، وبالتالي توليد 1.5 جيجا طن إضافية من مياه الأمطار كل عام. ويوضح مستمندي ذلك بقوله إن الألواح الشمسية تمتص الإشعاع الشمسي بمعدل أكبر مقارنة بالغطاء الأرضي الطبيعي، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى ازدياد معدل هطول الأمطار.
يُشار إلى أن المملكة تمتلك شبكة من خزانات المياه الاصطناعية التي يمكن زيادتها لجمع وتخزين مياه الأمطار المتزايدة، وأن هناك حاجة إلى مزيدٍ من التجارب الميدانية لتقديم دليل على مصداقية تجارب الفريق.
كذلك أظهرت عمليات المحاكاة أن زيادة معدل التشجير على امتداد نطاق ساحل البحر الأحمر لم تفلح في زيادة معدل هطول الأمطار، ما يشير إلى أهمية إجراء تقييم شامل للآثار البيئية المحتملة لمشروعات التخضير المخطط لها في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط على نطاق واسع.