حمّاد بن حامد السالمي
* من سوء حظ اليمن شماله وجنوبه؛ أن تبرز على أرضه ومن تركيبته السكانية؛ جماعة تمارس الإرهاب بشتى صوره، فتسرق اليمنيين، وتبتزهم، وتقتل وتشرّد المناوئين منهم، وتهدم وتخرب في كل مكان حلّت فيه، ثم تتجاوز حدود اليمن؛ لتعتدي على دول الجوار العربي الداعم للشعب اليمني على مدى عقود وعقود، وفي المقدمة؛ الجارة التي تستضيف أكثر من ثلاثة ملايين يمني ممن شردتهم الجماعة الحوثية الإرهابية، يعملون ويكسبون، ويصرفون على أسرهم داخل اليمن وخارجه من خيرات المملكة. تعتدي على السعودية والإمارات بسلاح إيراني مصمم لقتل وإرهاب العرب في العراق وسورية ولبنان وغزة واليمن ودول الخليج.
* من سوء حظ اليمن؛ الذي لم يعد سعيدًا كما كان يُقال عنه سابقًا؛ أن جزءًا منه تحول على أيدي أذناب إيران إلى أرض فارسية مذهبيًا وسياسيًا، فعلى مدى سبع سنوات؛ عاث الحوثة في الأرض اليمنية فسادًا، ونفذوا ما يطلبه منهم أسيادهم ملالي إيران من ضغط وإرهاب الشعب اليمني أولًا؛ ثم على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وحالوا دون الوصول إلى أي حل للمشكل اليمني الذي أعقب رئاسة علي عبدالله صالح.
* أخيرًا.. يلتقي اليمنيون بكافة أطيافهم في الرياض في مؤتمر كبير غير مسبوق، ثم يتخلَّف الحوثيون عن هكذا لقاء يجمع أبناء الشعب الواحد، للحوار ونبذ الخلافات السياسية، وتثبيت الأمن والاستقرار الذي فقده الشعب اليمني، وفقد معه لقمة العيش على أرضه، فهاجر الملايين بحثًا عن الأمن والعيش الكريم. حتى مع الهدنة التي دعت إليها الأمم المتحدة، وبدأ تنفيذها في المدن اليمنية؛ لم يلتزم الحوثيون بتعهداتهم، وأخذوا يشنون الحرب جنوبي مأرب، وبعد الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف اليمنية في الرياض؛ الذي بموجبه تم تنحية نائب رئيس الجمهورية، وتشكيل مجلس رئاسي انتقالي يمثِّل كافة الأطياف.. مع هذا كله؛ راح الحوثيون الخونة؛ يصعّدون ضد الجيش اليمني، وراحوا ينددون باتفاق الرياض، ويصفون أعضاء المجلس الرئاسي الانتقالي بالعمالة والارتزاق..! عجبي.. من هو العميل والمرتزق..؟ هل هو ابن اليمن الذي يسعى لوقف الاحتراب وتحقيق السلام؛ أم هو الحوثي؛ الذي يدور في فلك إيران، فينفذ سياستها في المنطقة، ويقاتل ويقتل بسلاحها، بل إن أصوله وجذوره فارسية لا تمت للعرب ولا للشعب اليمني العربي بصلة، إلا الدخول في النسيج الاجتماعي اليمني قبل مئين من السنين..؟ وهذا ما قال به المؤرِّخ اليمني حمود العنسي في كتابه: (أصول وتاريخ الحوثيين).
* منذ بداية الصراع وظهور الجماعة الحوثية الإرهابية؛ والصورة اليمنية تهتز في أعين جيرانها العرب. إن إصرار الجماعة الحوثية على الحرب والعدوان على دول الجوار؛ وعدم التجاوب مع كل محاولة جرت للتقريب بين وجهات نظر كافة الأطراف اليمنية؛ بما فيهم الحوثيون أنفسهم.. هذا ليس له إلا تفسير واحد هو: أن الجماعة الحوثية مليشيا إيرانية إرهابية، على غرار حزب الله الإرهابي، وما ماثله من أذرع إيرانية تتوزَّع العراق وسورية ولبنان وغزة واليمن، وأنهم ينفذون أجندة إيرانية بحتة، تستهدف احتلال اليمن، والانطلاق منه للضغط على المملكة العربية السعودية ودول الخليج من الجنوب، وأن أي محاولة يمنية يمنية، أو عربية أو دولية لحل المشكل اليمني؛ لن تنجح؛ حتى يأتي الضوء الأخضر للحوثة من طهران.
* من الواضح أن الحالة الحوثية في اليمن؛ شوَّهت الصورة اليمنية على كافة الصعد، وخاصة عند دول الجوار العربي، وهذه الحالة المشوّهة؛ ينبغي ألا تنسحب على كل الشعب اليمني العربي، وخاصة في أعين جيرانهم من السعوديين والخليجيين. كيف نتفادى هذا المشكل..؟ هذه هي مسؤولية وسائل الإعلام كافة في البلدين الشقيقين المتجاورين: (المملكة العربية السعودية، والجمهورية العربية اليمنية)، وكذلك دول الخليج العربي كافة.. ينبغي أن لا يتصور أحد في المجتمع السعودي والخليجي، أن الذي يمارسه الحوثيون انطلاقاً من اليمن، من انتهاك لحدود المملكة، وتسلّل بغرض القتل والنهب والسرقة والتخريب، هو فعل يمثِّل الشعب اليمني في الشمال أو الجنوب، أو يرضى عنه بقية الشعب اليمني الجار، بل الشعب القريب الذي يرتبط بالشعب السعودي والخليجي بعلاقات حميمة، بحكم الجوار الجغرافي، وبحكم وشائج القربى، وتشابك المصالح، فالمجتمع اليمني؛ له حضور قوي في المشهد الاجتماعي السعودي منذ عقود طويلة، لأن مئات آلاف اليمنيين، إما أنهم سعوديون بالتجنس، فهؤلاء مواطنون سعوديون وإن عادوا بأصولهم إلى أرض اليمن، أو مقيمون للعمل مثل غيرهم من الجاليات الأجنبية، أو يترددون على أرض المملكة للحج والعمرة وزيارة أقاربهم فيها، حتى إنه يكاد كل يمني من بين الثلاثين مليون يمني، يعرف المملكة العربية السعودية، ويعرف شعبها، أكثر من بعض مناطق اليمن الذي ربما لم يزرها في حياته.
* وفي مقابل ذلك، فإن الشعب اليمني كله، ينبغي أن يدرك حقيقة الحالة الحوثية في صورته العامة، وحقيقة الاعتداءات التي يمارسها الحوثة على حدود المملكة بين وقت وآخر. إن الخروج الذي ظهرت به هذه الفئة الفاسدة على نظامها السياسي، ورفعها السلاح في وجه حكومتها وجيشها وشعبها، مرده غرس سكين صفوية في الخاصرتين اليمنية والسعودية، واللعب على حبال الخلافات الطائفية والمذهبية التي تغذيها السياسة الإيرانية في المنطقة العربية منذ عقود ثلاثة.
* ما الحالة الحوثية اليوم؛ إلا دُمّل خبيث في صورة كل يمني عربي حر، يجب استئصاله؛ حتى تبدو صورة اليمن نقية وسليمة من كل التشوّهات.