رقية سليمان الهويريني
تزداد ظاهرة التسول في شهر رمضان كأحد مواسم الخير والبذل والعطاء، وينتهزها المتسولون فينشطون بلا حياء ولا كرامة! والمؤلم استخدام واستغلال الأطفال للاستجداء والاستعطاف!
هذا عدا ظاهرة أطفال الشوارع التي انتشرت في المملكة من خلال ممارسة بعضهم البيع العشوائي الذي يغلب عليه التسول والشحاذة عند الإشارات الضوئية وأمام المتاجر والمساجد. وتعتمد عادة على الوافدين من بعض دول الجوار حيث يتم استغلالهم لبيع السلع البسيطة ومن ثم يتطور الوضع للتسول.
وللتسول وجه اجتماعي كالح حيث يعد تشويهاً لواجهة المجتمع، كما أن له أوجهاً مؤلمة ينتج عنها اضطرابات نفسية وخوف وانعدام الثقة بالآخرين، مما يجعل المتسول انفعالياً عدوانياً عنيداً، وتبهت لديه المبادئ ويتخلى عن القيم ويضعف لديه الانتماء فيفقد هويته، فيشعر بالظلم والتشتت العاطفي وهدر الكرامة والرغبة بالخروج على المجتمع وإثارة البلبلة والفوضى فيه.
وقد ألمحت سابقاً في المنشود وتخوفت من أن تتحول هذه الظاهرة التي برزت في مجتمعنا السعودي إلى حالة من تسكع الأطفال والنساء وتشردهم واستغلالهم في بيع الممنوعات وترويج المخدرات. وتسخير هؤلاء للتسول هو أحد أشكال العنف سواء كان بهروبهم من حضن الأسرة بسبب انعدام التوافق النفسي والاجتماعي أو ما يعانيه بعضهم من تعرض للضرب والحرق والتعذيب والحرمان من الغذاء بهدف دفعهم للتسول؛ فيكون ضحية للتحرش أو الاعتداء الجنسي أو يتعرض للإدمان أو الانخراط في الجريمة!
وبحمد الله فقد عالجت الحكومة هذه الظاهرة المقيتة وقررت عقوبات مغلظة على المتسولين سواء المواطن أو المقيم تصل إلى السجن ستة أشهر وغرامة 50 ألف ريال، وأسندت أمر القبض للشرطة لأنه يدخل في باب حفظ الأمن ووقف الاتجار بالبشر؛ لاستغلال العصابات الإجرامية للأطفال وللنساء من جنسيات عربية محددة تعاني بلدانها من انعدام الأمن! وأشركت المواطن للتبليغ عن المتسولين.
وهي خطوة نحو جودة الحياة التي تسعى لها الحكومة حيث يتم توجيه المتسولين لطرق الكسب السليمة وصون كرامتهم والمحافظة على وجه الطفولة وبراءتها من العبث، وملاحقة العصابات ومعاقبتها، وتوعية المجتمع بعدم إعطاء المتسولين المال لأنهم يساهمون بهدر كرامتهم؛ بينما يذهب المال للعصابات المنظمة!