خالد بن حمد المالك
عاد سفيرا المملكة والكويت إلى لبنان في بادرة من الدولتين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في دولة تمر بأزمة خانقة لم تشهدها من قبل على امتداد تاريخها، أزمة اقتصادية وأمنية وسياسية، حيث البطالة، وتدني سعر صرف الليرة إلى أدنى مستوى لها، والفساد المستشري في كل مفاصل الدولة وأجهزتها المختلفة، وخلافات بين القوى النافذة، مع ضعف قدرة الدولة على إدارة هذه الأزمات بروح الفريق الواحد بين الرئاسات الثلاث.
* *
عادا إلى لبنان، بينما تتكالب المشاكل عليه في فترة زمنية يستعد فيها للانتخابات النيابية الملزمة، ومن ثم إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتكليف رئيس لتشكيل مجلس وزراء جديد، وهو ما يفسر حرص المملكة والكويت على مستقبل لبنان، وتعاطفهما مع معاناته، وحرصهما على مساعدته في تجاوز أزمته، وتذليل كل التحديات التي واجهته ولا تزال.
* *
ومع أن هذه المبادرة الأخوية من المملكة والكويت وجدت كل الترحيب من اللبنانيين الشرفاء، واعتبروها دعمًا لأمن واستقرار لبنان، ومساعدة له في معالجة أوضاعه الاقتصادية، وتمكينه من العودة إلى حضنه العربي، بعيدًا عن التآمر عليه، وتفريغه من مقومات الدولة، أو السعي إلى جعله دولة فاشلة، فإن غير هؤلاء من اللبنانيين - حزب الله اللبناني وأمينه حسن نصر الله تحديدًا- لا يريدون للبنان أن يكون سيدًا وحرًا ومستقلاً، وإنما أن يظل تابعًا ومسيّرًا من إيران، ومغرّدًا خارج السرب العربي الذي يحرص على أمنه واستقلاله وقوته.
* *
ففي خطابه الأخير، وبدلاً من أن يرحب حسن نصر الله بالخطوة السعودية - الكويتية نحو لبنان، ومعاضدتهما للدولة اللبنانية، وإظهارهما لحسن النية نحو هذا البلد الشقيق، رغم كل الإساءات التي نالتهما إعلاميًا، وتكرار تهريب المخدرات والأسلحة إلى الدول الخليجية، فضلاً عن احتواء النافذين في لبنان وتبنيه لكل العناصر التي ليس لها من هم سوى الانغماس في التآمر على المملكة ودول الخليج العربية، بدلاً من كل هذا فقد أبى حسن نصر الله أن يتخلَّى عن أكاذيبه ولؤمه وخبثه، ومحاولته إفشال أي خطوة تصب في مصلحة لبنان.
* *
حسن نصر الله، هذا الذي جرَّ لبنان وباعه ليكون تابعًا لإيران، يتآمر مع طهران لجعل بيروت إحدى العواصم الإيرانية أسوة ببغداد وصنعاء ودمشق كما يصرِّح بذلك الساسة الإيرانيون، هو من خصَّ المملكة باتهامات باطلة على أنها معتدية على اليمن، وأن هذا العدوان هو عدوان على الشعب اليمني، مختصرًا الشعب اليمني بالحوثيين عملاء إيران في اليمن، كما هو عميلها في لبنان، متجاهلاً أن الحوثي قاد انقلابًا على الشرعية، وأن الحوثيين بأسلحة إيرانية يعتدون على المملكة بطائرات مسيَّرة وصواريخ بالستية زوَّدتهم بها إيران ولا تزال.
* *
ليس هذا فقط، وإنما تجاهل تمامًا لقاء الرياض الذي ضم كل الكتل والأحزاب اليمنية، باستثناء ميليشيا الحوثيين التي امتنعت عن حضور اللقاء الموسع، وخسرت بذلك فرصتها في إنقاذها مما هي فيه، لإقناعها بأن اتفاق اليمنيين على كلمة واحدة لا يخدم مصالح إيران في المنطقة، ولا يلبي سياساتها وتآمرها على دولنا، ما يعني أن الحل العسكري هو الحل القادم أمام إصرار الحوثيين على العبث بمصالح الشعب اليمني الشقيق.
* *
بقي أن نقول، إن لبنان لن يتعافى طالما استمر عميل إيران حسن نصر الله يمتلك القوة العسكرية للسيطرة على القرار في لبنان، وأن اليمن سيظل في دائرة الخطر ما بقي الحوثيون يسيطرون على صنعاء بقوة السلاح الإيراني، وبالتالي فإن مستقبل صنعاء وإعادتها إلى الشرعية لن يكون بغير القوة العسكرية اليمنية مدعومة من التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، وأن تحرير لبنان من الهيمنة الإيرانية لن يتحقق إلا بقوة السلاح.