عبدالمحسن بن علي المطلق
أمي ربتني بالقوّة الناعمة، وهي أمضى من العصا، وأعني العقوبات الجسدية فضلاً عن المعنوية، التي تأتي على صيغ، كـأفعل أو أحرمك من كيت
وهذا الكيت في كل فترة من عمري يتغيّر حسب أهوائي والرغائب، أقصد ما في أحد جوانبها حدّ من استجابة الطلبات -مثلاً-.
وتلك القوّة - للعلم - هي أمضى من السيف فاعلية
واسألوا مجرّباً مثلي. وبالمناسبة وأنا على مشارف إتمام الثانوي.. لا أغفل ما يناسب عمري وما رددته على ذاتي يوماً (في مطلع مراهقتي):
لا السيف يفعل بي ما تفعله عيناك
وأنا استبدل اللفظة الأخيرة بتطفيفٍ للمفردة إزاء (مشاعرك).. نحوي
أو ذاك الذي أثبت أن كيف..
أفسدت بيننا الأمانات (عيناها..)!
المهم كانت تلك القوّة (معاقبة نفسها) إن أنا قصرت، كأن تحرم نفسها الأكل أو حتى تتمنّـع من التحدث معي حتى أستجيب.. وهذا الأخير لربما استمرّ أياماً، فلا تعود لمنوالها الذي عهدت إلا وقوفاً عند استجابتي.
ولا أماري بالتعذير أن أُوعز السبب إلى أني (وحيدها.. )، وهذا بالمناسبة خلصت له باكراً
فما أنا أذكر أني اتكأتُ عليه تعذيراً لها.. يوماً/
كنت مع أصحابي بالاستراحة، فهمس لي أحدهم وقد شاهد بجوالي مطرٌ من اتصالات متتابعة من أمي، وبأقل من ساعة، وازداد شغفاً أن يطّلع على السبب.. لأني لم أردّ إلا على واحدة، بالقول (كأنها تحاصرك)، فاكتفيت بأن ابتسمت له، لكنّه عاد وردّ بصيغة استفهام، فقلت:
بربك ماذا تعمل - هي - وأنا (وحيدها)، وأجزم أني قُطب حياتها، إذ حتى صواحبها هنّ من الندرة، أيضاً هي ممن تحب الاعتزال، أعني أن خلطتها بهنّ أو بإحداهن من النادر، وإن حدث فبوقت يسيــر.
تصدّق كم أرحمها، وهذا الجانب منّي هو ما يجعلها (.. وطريقة عقوبتها لي) سبب من جانبها يدعوني لأستجيب لها.. غالباً.
وكم من مرّة وافقت طلبها رغم عدم قناعتي.. ثم استرسلت له (وقد فتح جرحاً غائراً) أن خوفاً يخامرني بأن يمتدّ معنا - أقصد أنا وأمي - هذا الرتم فيمسي وقد مسّ مستقبل اختياراتي كالزوجة، بل وما هو الآن قاربت بلوغ مجاله.. أعني التخصص الذي أرغب.
ويا صاحبي، لا تسألني عن تلك القوّة التي تجعلني في مواقف أنخّ سريعاً للاستجابة، فالتأثير الذي يعلّم في مشاعري قِـبلها أكثر بكثير من محاولاتي دفعه!
فكم حاولت بمواقف لأجرّب النتائج، فباءت.. بل منيت محاولاتي بالفشل.. بل فشل ذريع!
.. هنا لم يلوِ صاحبي على تعقيب، لكأنه وكأني قرأت في تعابيره (ليتها تضربك بالعصا ولا... فذاك هو أهون عليك إن لم تتجاوب ومطالبها) فقلت - بلا وعي أنه يخاطبني بلا صوت- صدقت، نظر لي بتعجّب من أنه لم يهمس بشيء، فتجاهلته عمداً كي لا يفتح (معي) باباً آخر، فما كل ما في الجعبة يحسن القول به، عدا أن التعبير عنه يحتاج أدوات أُصدقكم أني لا أملكها، بخاصة وأنا بهذا السنّ، فمنذ الذي سيشرح لك الأمومة.. الحنان.. الأمان الداخلي أن هناك من يخاف عليك (ربما) أكثر من خوفك على نفسك.
إشارة...
تعمد الدول التي فيها تجنيد (إجباري) ألا يشمل هذا الشرط وحيد والديه.. من الذكور وكأنهم همُ فقط من «شرح» بهذا القرار تلك اللغة.