مسعدة اليامي - الجزيرة الثقافية:
هذا حوار إلكتروني سابق لم يتسن له الانتشار أجريتهُ مع الراحل بجسدهِ, الباقي في الذاكرة بما قدم للمسرح السعودي, فالأستاذ علي الغوينم يرحمه الله أيقونة مسرح (كتابة وإخراجاً وإدارة وتمثيلاً) لا تُنسى فقد سطر اسمه في صفحة تاريخ مسرحنا السعودي, بما قدم من خطوات رائدة, كان يتوجب علي أن أختصر ذلك الحوار بقدر الإمكان إلا أني رأيت أن هذا الحوار ما هو إلا جزءٌ يسير من مشواره ورسالته ورؤيته إلى كل مهتم بتنمية المسرح التنمية الشمولية, ولقد تركت العنوان أيضاً كما هو, كونه يشكل نواة لرسالة الغوينم عن المسرح.
كيف كانت البدايات مع المسرح وما سبب تعلقك به؟
بدايتي مع المسرح منذُ الطفولة في المرحلة الابتدائية وفي المراكز الصيفية وكنت من أوائل الأطفال المشاركين في جمعية الثقافة والفنون في ذلك الوقت في الأحساء كان اسمها جمعية الفنون الشعبية, وذلك بتشجيع من الوالد رحمة الله عليه بالإضافة إلى تشجيع من أستاذي عمر العبيدي الله يطول في عمره وأخي محمد الذي سبقني إلى التسجيل في الجمعية رحمه الله واستمررت في جمعية الثقافة والفنون حتى تخرجت من المرحلة الثانوية وجامعة الملك سعود بالرياض بعد ذلك دخلت المسرح الجامعي وشاركت مع كلية التربية ومنتخب الجامعة فترة دراستي كلها في الجامعة ثم عدت مرة أخرى إلى الأحساء بعد التخرج وعدت إلى بيتي بجمعية الثقافة والفنون وأيضاً لا أنسى دور نادي هجر بالأحساء فقد مارست هوايتي فيه وشاركت في العديد من الأعمال المسرحية ومسرح رعاية الشباب فالمسرح عشق أبدي وحب أبدي تعلقت به كنوع من أنواع الثقافة التي تثري الإنسان معرفياً وتساعدك في أن تقول وجهة نظرك على خشبة المسرح ليستمع الناس إليك قمت بالعديد من الأعمال المسرحية ممثلاً وكتبت بعض النصوص البسيطة وأخرجت العشرات من الأعمال المسرحية والأبوريتات وغيرها ذلك باختصار سبب تعلقي بالمسرح ولا زلت أعشقهُ حتى وقتنا الحاضر.
حدثنا عن الحركة المسرحية في الأحساء وكيف تقرأ لنا اليوم ما يقدم من عروض مسرحية خاصة بالطفل؟
الحركة المسرحية في الأحساء قديمة جداً بدأت مثل غيرها من المناطق من المدارس ومن المدارس القديمة التي قدمت أعمالاً مسرحية بالأحساء المدرسة الأميرية في الخمسينيات الهجرية والثلاثينيات الميلادية حيث قدمت العديد من الأعمال وحضرها الكثير من المسؤولين منذ ذلك الوقت, وفي الأحساء حركة مسرحية بدأت بشكل كبير عندما أسس نادي الفنون الشعبية الذي يعد نواة لجمعية الثقافة والفنون عام 1970 ميلادياً وقدمت هذه الدار العديد من الأعمال المسرحية ثم تحولت اسمها إلى جمعية الفنون الشعبية ثم بعد ذلك إلى جمعية الفنون ثم التحقت بالمركز الرئيسي في عام 1973 ثم أصبح اسمها الجمعية العربية السعودية لثقافة والفنون, أما بالنسبة لمسرح الطفل فمسرح الطفل في الخليج والمملكة العربية السعودية بدأ من الأحساء على يد رائد مسرح الطفل عبد الرحمن المريخي رحمة الله عليه عندما قدم مسرحية ((ليلة النافلة)) وهي مسرحية خاصة بالطفل في عام
1975 - 1976 ميلادياً تقريباً ومسرح الطفل لا زال يقدم عروضهُ سواء بجمعية الثقافة والفنون أو من خلال رعاية الشباب ومسرح الشباب أو من خلال الفرق المسرحية المنتشرة في الأحساء, وقدمت العديد والعديد من العروض المسرحية الخاصة بالطفل وهنالك كُتاب كتبوا للطفل وقدموا أعمالاً كبيرة وجميلة منهم الراحل عبد الرحمن المريخي رحمة الله عليه, وهناك أيضاً الدكتور سامي الجمعان والأستاذ إبراهيم الخميس والعديد, العديد من المسرحيين الذين قدموا للطفل الشيء الكثير سواء في الأحساء أو في المملكة العربية السعودية.
بشكل عام ما قراءتك للمشهد الثقافي المسرحي عبر القنوات الافتراضية مع جائحة كورونا؟
سؤال جميل جداً وذلك يدفعنا إلى تقسيم الإجابة إلى أقسام في حال كان المشهد المسرحي من خلال الدورات المسرحية أو الأمسيات أو المحاضرات فهذا شيء رائع جداً وأصبح هناك حراك كبير جداً في هذا المجال, واستضافت الكثير من المسرحيين المهمين والمعروفين, أما بالنسبة كعروض فأنا لا أتفق مع العروض الافتراضية أو عبر القنوات الافتراضية, فالمسرح لا يستطيع أن يؤدي رسالتهُ بشكله السليم والصحيح إلا بالمواجهة لأن هذا المسرحي الذي يقف على خشبة المسرح يشاهده المتلقي, وهو قريب منهُ, فيشاهده بنفسهِ وبحجمهِ الطبيعي وبانفعالاتهِ الحسية, والعصبية والأدائية, والمؤثرات تكون حية على خشبة المسرح فهذا يؤثر بشكل أكبر مما يقدمهُ خلف شاشة مثلاً, أو خلف قناة افتراضية. جهود جميلة لمن قدموا عروضاً مسرحية عبر القنوات الافتراضية, ولكني شخصياً لست مع المسرح الافتراضي أو الذي يقدم عبر القنوات الافتراضية فالمسرح شعور متبادل, وحس يصل لمن يشاهده عن قرب ومشاعر تتلامس بين الفنان (المؤدي) على خشبة المسرح وفريق العمل الفني وأدواتهِ التي من خلالها يريدون أن يصلوا إلى هذا المتلقي القريب منهم حتى يكون هناك تأثير, وتأثر وتكون هناك الفائدة والمتعة البصرية والسمعية والفرجة المسرحية الحقيقة.
في رأيك هل أدت جمعية الثقافة والفنون دورها حيال المسرح؟
نعم أدت جمعية الثقافة والفنون دوراً كبيراً جداً حيال المسرح في المملكة العربية السعودية رغم ظروف الجمعية, ورغم ضعف الدور المادي لكن استطاعت جمعية الثقافة والفنون بشكل عام في المملكة العربية السعودية عمل دور كبير جداً للمسرح من خلال جمعية الثقافة والفنون, فظهرت العديد من الأعمال المسرحية وظهر العديد من النجوم والعديد من الفنانين ومن خلال جمعية الثقافة والفنون أصبحت هناك مشاركات دولية للمسرح السعودي, وكذلك أخذ العديد من الجوائز المسرحية وساهمت الجمعية في تطور المسرح السعودي حسب إمكانياتها المتاحة, فجمعية الثقافة والفنون أقامت العديد من الدورات المسرحية وأقامت العديد من المهرجانات المسرحية المتخصصة وبعض هذه المهرجانات شارك بها فرق دولية من الخليج, والعالم العربي, فالجمعية أدت دوراً كبيراً جداً حيال المسرح, وحيال مختلف الثقافات والفنون الأخرى حسب الإمكانيات التي أتيحت لها برغم ضعف الإمكانيات المادية إلا أنها استطاعت أن تفعل ما تستطيع لهذا الفن.
أين المسرح السعودي من المسرح العربي والعالمي والخليجي؟
المسرح السعودي متواجد خليجاً وعربياً وعالمياً, فالمسرح السعودي قدم العديد من العروض المسرحية المتميزة, وأخذ العديد من الجوائز المسرحية وأتذكر أن الأستاذ سلطان النوة قام بإحصائية لعدد الجوائز التي حصل عليها المسرح السعودي في المهرجانات العربية والخليجية فكان الرقم مذهلاً ومعنى ذلك أن المسرح السعودي لهُ تواجدهُ عربياً وخليجياً. أما عالمياً فهنالك بعض المحاولات البسيطة وإن شاء الله تكون المحاولات أكثر, والمشاركات أكثر فالمسرح السعودي صنع لهُ شخصية, وصنع لهُ هوية في المهرجانات الدولية, وخرج من هذا المسرح السعودي العديد من الكتاب والعديد من المخرجين والعديد من الفنانين الذين يشار لهم بالبنان عربياً وخليجياً, فساهموا في لجان التحكيم, وساهموا في عقد الدورات المسرحية المتخصصة, وساهموا بتقديم أوراق العمل. فالمسرح السعودي أعتقد أن لهُ مكاناً ومكانة, وإن شاء الله تكبر وتكبر مع التوجهات القادمة لوزارة الثقافة حالياً.
عن المشاركة في المسرح الافتراضي الأول بنادي الباحة الأدبي ماذا تقول؟
هذا هو دور المراكز الثقافية والأندية الأدبية فالثقافة والفنون لا تنفصلان أبداً عن الأدب وعن الثقافة فهي ضمن الأدوات وضمن العناصر المكونة, والمشكلة للثقافة بشكل عام لا نستطيع أن نفصل الفنون, ولا نستطيع أن نفصل المسرح عن الثقافة بشكل عام وهذا هو الدور التنويري الذي قام به الأحبة الكرام في نادي الباحة الأدبي بأن جعلوا هناك ملتقى للمسرح كان من المفترض ألا يكون افتراضياً لكن ظروف هذه الجائحة وإصرار الإخوة الله يحفظهم على وجود هذه البادرة دليل وعي ونأمل إن شاء الله من جميع الأندية الأدبية في المملكة وجميع المراكز الثقافية في المملكة أن تولي المسرح وتولي الفنون مثل هذا الاهتمام وأن تستمر مثل هذه المبادرة من نادي الباحة بشكل سنوي أو كل سنتين فنحن الآن نعيش فترة جميلة جداً ومفترق طرق جميلاً جداً هذه الأيام, بانتعاش الثقافة في المملكة العربية السعودية, وتأسيس وزارة خاصة بالمثقفين, وهي وزارة الثقافة وهنالك العديد من المبادرات, ووجود مثل هذه الأعمال في الأندية, وجمعيات الثقافة والفنون, تساهم في رقي الثقافة بشكل عام, والمسرح بشكل خاص وهي متماشية فعلاً مع رؤية 2030.
نسمع الكثير من الآهات عن تدهور حال المسرح المدرسي ما رأيك؟ وماذا يحتاج المسرح المدرسي حتى يعاود ازدهاره؟
مر المسرح المدرسي بفترة توقف كبيرة جداً في فترة من الفترات, وكانت تقدم بعض العروض على استحياء, ولكن من السنوات الخمس أو الست الأخيرة أرى فيه حراكاً مسرحياً مدرسياً بشكل رائع جداً سنوياً, وتقام مهرجانات للمسرح المدرسي في مختلف مناطق المملكة, وهناك مهرجان عام أيضاً يقام في ختام هذه المهرجانات, وهنالك لجان تحكيم تشكلت, وهنالك دورات مسرحية تقوم بها الوزارة بشكل كبير وجميل, وقد تشرفت بأني كنت في إحدى الدورات أو المهرجانات الخاصة بالمسرح المدرسي, حيث كنت في لجنة التحكيم بجدة, وشاهدت تفاعلاً كبيراً جداً من مناطق المملكة, وبإذن الله يكون هناك مبادرات أكبر وأكبر لكن الحق يقال: إن هنالك جهوداً كبيرة جداً تبذل في مجال المسرح المدرسي خاصة من السنوات الخمس أو الست الأخيرة, فقد أقيم مهرجان في الأحساء, وأقيم مهرجان في جدة, وأقيم مهرجان في تبوك, وأقيم مهرجان في القصيم, وأقيم مهرجان في وادي الدواسر, فأغلب مناطق المملكة أقيمت فيها مهرجانات للمسرح المدرسي, ودُعي لها العديد من المتخصصين من داخل المملكة وخارجها وتم عقد العديد من الدورات.
حدثنا عن مسرح الأوبريت وخاصة عندما يكون الإخراج كبيراً بحجم سوق عكاظ وكيف وجدت أصداء العمل؟
بالنسبة لأوبريت سوق عكاظ تشرفت بتكليف من صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبد المحسن حفظه الله بأن أُخرج الأوبريت لسوق عكاظ عام 2018 ميلاديًا ويعد سوق عكاظ مهرجاناً كبيراً جداً, فكل إنسان وكل فنان يتمنى أن يكون مشاركاً في مثل هذه المهرجانات الكبيرة الموجودة في المملكة العربية السعودية. ولقد كنت سعيداً جداً وخائفاً جداً من هذه التجربة رغم أن عمري المسرحي كبير لكن عندما تقف مع نص لرمز كبير من رموز الثقافة, مثل الأمير بدر بن عبد المحسن لا بد أن تكون لديك شجاعة كافية للتعامل مع مثل هذه النصوص الإبداعية ولقد ساعدني على ذلك أني أخذت معي فريقاً جميلاً جداً, وساعدني كثير في هذه المهمة فكان معي من الأساتذة (نوح الجمعان, والأستاذ مشعل الرشيد, والأستاذ سلطان النوة) وفريق من الأحساء إضافة إلى الفريق العام الموجود في سوق عكاظ جلسنا في الطائف فترة حوالي (12) يوماً كان العمل جميلاً جداً مع المجاميع وكان الإنسان يشعر بأنهُ فعلاً مخرج عندما تكون جميع المتطلبات موجودة, ومتوفرة والأجواء العامة سعيدة, وجميلة ولقد شارك في الأوبريت فنانون كبار مثل: الفنان (محمد عبده وطلال سلامة) وغيرهم من الفنانين الكبار, وشارك بالعمل ممثلون كبار مثل: (الدكتور راشد الشمراني وفايز المالكي) ومن الطائف الأستاذ سامي الزهراني, فكان العمل بروح الفريق الواحد وأنجزنا المهمة ولله الحمد وكان هنالك انطباعات كبيرة جداً بعد هذا الأوبريت, وطبعاً مثل هذه الأعمال عندما تمر بها في تجربتك وسيرتك الذاتية تضع علامة كبيرة لك, وتصنع لك الكثير من الأشياء المهمة في مشوارك المسرحي.