أظن أن مقولة «المسرح أبو الفنون» ليست دقيقة من وجهة نظري، لماذا؟ لأنها تشمل كل الفنون نسبًا وحسبًا وعائلة، وقبيلة من الفنون ... وسأحكي لكم قصّة طالب متأخّر دراسيًا وحين علمتُ بذلك، وأبصرت فيه إبداعًا كمعلّمٍ ورائد للنشاط الثقافي ذاك الوقت؛ لم يره زملائي المعلمون.. فدعونا الآن نبدأ في مفردة المسرح:
المسرح هو الساحة التي تنفَّذ فيها الإبداع، يمارس فيها الموهوبون مشاغباتهم، أفراحهم، رقصاتهم، لهجاتهم التباهي بتراثهم، المسرح مكمن الثقافات، كنز الفنون سفينة الفلسفة، التي تموج في بحر متلاطم نجاته تصفيق الحاضرين، المسرح عطر الأمكنة، روح اللغة حين تتسامى بالأجسام، المسرح خياله واقع، واقعه خيال المسرح مواجهة بين النفس وذاتها، أبطال تتسابق نحو التفوّق والنجاح، المسرح لغة تتهادى على ألسنة الممثلين إعجابًا، فخرًا، مثاقفة...
المسرح تجده - دون أن يشعروا - عند الرسّام إذْ يقف في مرسمه أمام بياض روحه، الشاعر حين يلقي نصّه أمام الجميع، القاص إذا يتوشّح باللاقط وينثر شخصياته المحاضِر في قاعة الدرس، وهو يُعلّم طلابه.
المطرب وهو يترنّم بأعذب الألحان... فالجامع بين هذا كلّه، هو صوتُ الشاعر، نفث القاص، هدوء الأكاديمي، ريشة الفنان على لوحاته بألوانها الزاهية في أزمنة مختلفة ولكن في مكان واحد، حيّزًا جميلاً يسمّى فضاء المسرح!
نعود الآن لقصّة طالبي الذي انتشله المسرح وعشقه هذا الطالب كان يحلم أن يحفظ درسه يومًا ما، أن يثني عليه بعض المعلمين، ويطلب من الطلاب أن يصفقوا له، دون أن يغضبهم تأخرّه في الدراسة عن باقي زملائه حتى أقتنع أنه كذلك، هنا أخذته وتحديت كل مَنْ عارضني بقولهم «يا علي لم تجد إلا هذا ...» دربته على حفظ النص، بعد جلسة على الطاولة مع الممثلين معه، فحفظ، أذكر وقتها جيدًا، قام يرقص فرحًا، لم أجد صعوبة في تحريك جسده مسرحيًا على خشبة المسرح، الفرح يملأ أسارير وجهه، وحين اقترب موعد العرض المسرحي بحضور شخصيات اعتبارية في مسرح الباحة آنذاك ظهر طالبي الذي تحدّيت به، فأبدع، صفق له الجميع ومنهم كل معلميه، لم لن أنسى دموعه مسرورًا، يوم استلم جائزة أفضل ممثل!
المسرح يا سادة يا كِرام هو عنوان أُمّة، إن أردت أن تسأل عن قوم فاسأل عن المسرح والفنانين فيها تعرف ثقافتهم، وكما قال وليم شكسبير:
(الدنيا مسرح كبير....،)
المسرح يبدأ من المدرسة من خلال اكتشاف المواهب وإبرازها، المسرح ثقافة الشعوب، ديوان الأمة الذي تتوارثه الأجيال، تمعّنوا جيدًا في مفردة «المسرح» تجدونها في طيّ الثقافة والأدب والفلسفة وكفى.
سطر وفاصلة
أحلمُ بأن يشاركني أحدهم البكاء
الرقص على أطراف قَدَم ونظري
إلى السماء
أن يلتقطني ساهر الحُبّ
ضوء قمر
وميض كاميرا
وأنا ودموعي في حزن
على فراق الإناء
أن يعظّني خائن متلبسا
ثوب الغدر
ملتحفًا وشاح السواد
وأنا في ساعة صفاء
لا عادت الأحلام كما أظنّ
فاليومُ مطر وغدًا جدب
نبتسم، نضحك في
شقاء
لم أعد أطيق أحلامي
خرجت من دائرة فكري
رحلت على سُلّم الطائرة
وعلى نافذتها قطرات
البكاء
** **
علي الزهراني (السعلي)