د.شريف بن محمد الأتربي
أطلق سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - برنامج تنمية القدرات البشرية ضمن رؤية المملكة 2030؛ حيث يسعى البرنامج إلى أن يمتلك المواطن قدراتٍ تمكنه من المنافسة عالمياً، من خلال تعزيز القيم، وتطوير المهارات الأساسية ومهارات المستقبل، وتنمية المعارف، ويركز البرنامج على تطوير أساس تعليمي متين للجميع يسهم في غرس القيم منذ سن مبكرة، وتحضير الشباب لسوق العمل المستقبلي المحلي والعالمي، وتعزيز ثقافة العمل لديهم، وتنمية مهارات المواطنين عبر توفير فرص التعلم مدى الحياة، ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، مرتكزاً على تطوير وتفعيل السياسات والممكنات لتعزيز ريادة المملكة.
ويعول على وزارة التعليم القيام بدور المُعد والمهيئ للبيئة التعليمية والتربوية التي تساعد المعلمين والمعلمات على تنفيذ الخطط الموضوعة لتحقيق أهداف البرنامج، ومن أبرز هذه البيئات: البيئة التقنية Technological Environment))، بما يشمله المفهوم كاملاً وبجميع تفسيراته وتأويلاته. حيث يشار له بأنه: التطور في مجال التكنولوجيا الذي يؤثر على الأعمال من خلال الاختراعات الجديدة للإنتاج، والتحسينات الأخرى في التقنيات لإنجاز الأعمال التجارية بصورة أفضل.
ومع ظهور كوفيد19 توجهت أغلب الهيئات والمؤسسات إلى العمل عن بعد، وتوظيف التقنيات المناسبة لتهيئة بيئة عمل مناسبة للموظفين بحيث تظل الإنتاجية كما هي، وتتحقق الأهداف طبقاً للخطط والإستراتيجيات الموضوعة، وقد سارعت وزارة التعليم إلى تعزيز القطاع التعليمي بالعديد من التقنيات التي ساهمت في توفير بيئة تعليمية آمنة للطلبة والمعلمين من الناحية الصحية، وبيئة تقنية محفزة ومساعدة على تحقيق الأهداف.
ومع عودة الحياة إلى طبيعتها؛ كان لابد من دراسة أثر كوفيد19 على العملية التعليمية بكافة جوانبها، وتحديد متطلبات سرعة مواجهة مثل هذه الحالات الطارئة، فكان توجه الوزارة نحو تعميم الشاشات التفاعلية داخل الفصول، والاستفادة منها في تحسين البيئة التقنية خاصة في حالات غياب المعلم أو كثافة الفصول.
ويشار إلى أن شاشات اللمس التفاعلية Interactive Screen Touch هي عبارة عن شاشات ذكية بحجم 75 بوصة وأكبر تقريباً، تم تصميمها لتتفاعل مع المستخدم فتكون أداة إدخال وإخراج وعرض ومعالجة أيضا، فوجودها في القاعة التعليمية يغني عن جهاز الحاسب وجهاز العرض، بل والسبورة التفاعلية. فهي تقنية جمعت الكل في واحد فكانت بذلك من أبرز ملامح التحول الرقمي في المدارس. والشاشات التفاعلية ليست غريبة عن القاعات الدراسية في المملكة العربية السعودية، حيث تم توظيفها في العملية التعليمية مع انطلاق مبادرة الطفولة المبكرة في مدراس التعليم العام في عام 1440 -1441هـ.
ومع بدء استخدام هذا النوع من التقنية في داخل المدارس سواء لمعالجة نقص المعلمين أو تكدس الطلبة؛ يحتاج المعلمون والإشراف التربوي إلى وضع خطط واستراتيجيات تدريسية تتفق مع هذه التقنية، وتساعد المعلمين على تحقيق أهداف التعلم.
ومن أبرز الاستراتيجيات التي يمكن تطبيقها خلال هذه الحصص، استراتيجيتا: الفصل المقلوب، ولعب الأدوار.
وتُعد إستراتيجية الصف المقلوب «»Flipped Classroom واحدة من الطرائق التعليمية الحديثة المعتمدة بشكل كبير على التطور التكنولوجي، وتم إطلاق اسم الصف المقلوب عليها؛ نظرًا إلى أنها تعتمد بشكل كامل على (قلب) أو (عكس) الطريقة التقليدية المستخدمة في إرسال المعلومات واستقبالها بين الطالب والمعلم، حيث يعتمد المعلم هنا على استخدام التكنولوجيا الحديثة حتى يُعزز من درجة فاعلية ومشاركة الطالب في سير العملية التعليمية.
أما إستراتيجية لعب الأدوار «»Role Playing Learning Strategy فهي تقوم على افتراض أن للطالب دوراً يجب أن يقوم به معبراً عن نفسه أو عن أحد آخر في موقف محدد، بحيث يتم ذلك في بيئة آمنة وظروف يكون فيها الطلاب متعاونين ومتسامحين وميالين إلى اللعب. ويطور الطلاب في ممارسة هذا النشاط من قدراتهم على التعبير والتفاعل مع الآخرين، وتنمية سلوكيات مرغوب فيها، وتطوير شخصياتهم بأبعادها المختلفة.
ويقصد بلعب الدور «نشاط إرادي يؤدي في زمان ومكان محددين، وفق قواعد وأصول معروفة ويختار فيها المشاركون الأدوار التي يقومون بتأديتها. ويرافق الممارسة شيء من التوتر والتردد والوعي، باختلافها عن الواقع.
وتعد هاتان الاستراتيجيتان من أهم الاستراتيجيات التفاعلية داخل الفصول الدراسية، وتتناسب مع استخدام الشاشات التفاعلية، حيث تتيح للطلبة مساحة أكبر للمشاركة في العملية التعليمية، كما أنها تنمي لديهم مهارات القرن 21. وحتى تحقق الشاشات الهدف من استخدامها، والاستراتيجيات والهدف من تطبيقها؛ لابد لقائد العملية التعليمية أن يكون قد هيأ طلابه، وأعد درسه، وجمع مصادره، واستحضر أدوات تقييمه حتى تتحقق النتائج والأهداف المرجوة.