«الجزيرة» - محمد بن عبدالله آل شملان:
الترحيب الواسع بخبر وصية الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود - رحمها الله - زوجة خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية فهد بن عبد العزيز آل سعود - رحمه الله - أن يسخر ثلث إرثها في أوجه الخير وما يخدم الإسلام والمسلمين، من خلال مؤسسة العنود الخيرية، أثارت ترحيباً بالخبر ليس في المملكة فحسب، بل على مستوى الدول العربية، ذلك أن حجم الثروة المتبرع بها كبير، والخطة التي شاهدوها واقعاً لتنفيذ الوقف حققت أهداف التنمية البشرية.
مبادرة الخير والعطاء، التي حرصت على كتابتها رحمها الله في 12-8-1387هـ الموافق 14-11-1967م وعمرها آنذاك «27» عاماً؛ كان إيماناً منها بثقافة الوقف الخيري وأثره في دعم التنمية والعمل الخيري، وتحقيق نهضة وتقدم المجتمع.
ونتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يتغمد الراحلة الأميرة العنود بنت عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود بواسع رحمته، وأن يسجل اسمها في سجل الخالدين نظير ما قدمت لوطنها ولشعبها وللإنسانية جمعاء من خدمات كبيرة.
21 عاماً
نحو مؤسسة العنود الخيرية، تتجه أعيننا، نراقب بكل شغف مسار تطبيق وصية الأميرة العنود الاستثنائية، وألسنتنا تلهج بالدعاء لرب كريم، بأن تواصل مهمتها في عامها الـ22 بالنجاح، وأن يحالفها التطور في بناء الإنسان نحو مستقبل التنمية وبالبرامج التعليمية، لتعزيز مكانة وطننا الحضارية، والإسهام المؤثر في مسار الإنسانية، وتحقيق أهداف قيادتنا الرشيدة بتوسيع دائرة المؤسسات التنموية، وتشجيعها نحو التأثير والتغيير وتحفيزها على تنمية الحس الاجتماعي والعمق الإنساني.
نجاح
النجاح الذي حققته مؤسسة العنود الخيرية حتى الآن منذ تأسيسها عام 1420هـ، لم يكن له أن يتأتّى، من دون وجود أبناء بررة تدرك تماماً وجوب تنفيذ وصية الأم الراحلة، ولم يكن هذا ليتحقق بدون وجود الإصرار على تجاوز التحديات، بفضل أمناء وأعضاء يدركون تماماً معنى التأثير في المجتمع بمختلف فئاته وشرائحه، أمناء وأعضاء نجحوا في تحطيم السقف الذي يحدد طموحاتهم كمؤسسة ومجتمع، ولولا ذلك لما كان إعمار الأرض وتمكين سواعد الإنسان، ولم تتمكن من إحداث الفوارق الإيجابية كل يوم في ظل دعم القيادة، فأضحت نموذجاً في وطن يحرص على التنمية المستدامة.
«مؤسسة العنود الخيرية» كانت في البدء حلماً، ولكنها أضحت حقيقة ماثلة، تراقبه مؤسسات الوطن والعالم أجمع، للاستفادة من عوامل نجاحها، لما وفرته من برامج، قد تغيّر مجرى بناء العقل الخيري السعودي المتعلقة بالزمالة الدولية للاقتصاد الاجتماعي والزمالة الأوروبية العربية في الأوقاف والزمالة الأوروبية العربية في إدارة المنظمات غير الربحية، وعلى متنها دخلت المؤسسة الاستدامة المالية التي غزت استثماراتها الوقفية، لتتنامى خلال 20 عاماً بمعدل 400 %.
وهي مشروع ريادي، أخذنا نحو الطريق إلى المستقبل، الذي افتتحه أمامنا الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - والذي علّمنا: «إن مهمتنا تقوم في الأساس عبر بناء الإنسان وكل هذه الخطط التي ننطلق بها إلى مستقبل التنمية وبالبرامج التعليمية هي النماء لواقع الإنسان وبنائه».
تأثير
هذه المؤسسة شرعت عيوننا على القيادة، ومدى تأثيرها في النجاح، وعبرها أدركنا أن القيادة ليست المسار الآخر للإدارة، وحتى تكون قائداً، عليك أن تتصف بصفة التأثير على كل من حولك، عبر عمليات التفاعل والاستماع والتمكين للفريق بالمشاركة في العمل، وفق اتجاهات الأهداف والخطط الإستراتيجية التي تمنحها لهم، فالقيادة المثالية، هي التي تعمل التغيير الإيجابي، وتسابق الآخرين، وتصيّر التحديات فرصاً، وتعتمد دائماً على قاعدة «المعرفة قوة»، وإقامة الشراكات الإستراتيجية والتعاون مع القطاع العام والخاص والمنظمات الدولية، وتقوم بتمكين الشباب والشابات من المشاركة الفاعلة، وتعمل على استكشاف إمكانياتهم، مع اكتشاف الفرص واستغلالها الاستغلال الأمثل، وعلى ضوئها تخطط لإستراتيجياتها، وذلك ما صنعته قيادة وطننا الرشيدة في المجتمع.
منجزات
لقد حققت إدارة الدعوة والوصية في مؤسسة العنود الخيرية خلال واحد وعشرين عاماً منذ التأسيس وحتى الآن عدداً من المشاريع الخيرية، جاء أبرزها تنفيذ 325.000 سلة رمضانية، كما قدمت المؤسسة ما يقارب الـ8.740.000 عبوة ماء سقيا للصائمين، كما كفلت 50 داعية للدعوة إلى الله، وعملت على بناء 17 مسجداً وجامعاً حول المملكة، و30 مركز تحفيظ قرآن. ونفذ المركز ما عدده 94 دورة علمية، إلى جانب عدد من الأعمال الخيرية.
وحققت مراكز التمكين أكثر من 200.000 ساعة تطوعية من خلال 425 نشاطاً تطوعياً لدى مركز العنود لتنمية الشباب «وارف»، كما نفذ مركز العنود لتنمية الأسرة والطفل «شدن» 1.241 دورة تدريبية منذ التأسيس كان نتاجها 68.843 من المستفيدين.
وجاءت إنجازات مركز العنود الدولي للتدريب بالتعاون مع 397 مدرباً بواقع 13.657 مستفيداً.
وهذا العام سيتم تشغيل فندق ميركيور العنود وبناء جامع للأميرة العنود في أوغندا والاستثمار في فندق ثلاثة نجوم (ibis) مع مجموعة أكور الفندقية، وإطلاق الزمالة الأوروبية العربية في الاتصال من أجل التنمية، وإطلاق مركز العنود للإدمان الرقمي.
عاشت بعد أن ماتت
استذكر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس أمناء مؤسسة الأميرة العنود الخيرية ومؤسسة العنود للاستثمار العشري، وأعضاء مجلس المؤسسة، أثناء اجتماع المؤسسة الأخير، سيرة والدتهم الراحلة، رفيقة درب طيب الذكرى الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله -، أثناء افتتاح معرض العنود الدائم، بوقفة حول ذلك الإطار الزجاجي التي تنتصب فيه مجموعة من أغراضها الشخصية، وهي وقفة حوت مشاعر تقطر رقة وعذوبة وتأثراً بذكرى هذه الوالدة الراحلة العظيمة، التي احتلت وجدانهم، منذ طفولتهم الأولى وحتى وفاتها، وهي وقفة تجمع بين الفخر والحزن، الفخر بهذه الأميرة العظيمة الأخلاق، والحزن على فراقها، الذي لم يغادر قلوبهم منذ أربعة وعشرين عاماً، كانت فيها عميقة الحضور في وجدان هؤلاء الأبناء والبنات والأحفاد والإخوان البررة، الذين خلدوا سيرتها العاطرة في مؤسسة، الذين أودعوا فيها خلاصة طاعتهم وثمين التزاماتهم نحوها.
شكر وعرفان
سمو الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس أمناء مؤسسة الأميرة العنود الخيرية ومؤسسة العنود للاستثمار العشري، دائماً وأبداً يحمد الله سبحانه وتعالى على قيام سموه وإخوانه بإنفاذ وصية والدته الحرة الرشيدة سمو الأميرة العنود بنت عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود - رحمها الله -، والذي يؤكِّد أن النفع العام هو ديدن وعادة ورثوها عن قادتهم، ابتداءً من الأب المؤسس - طيب الله ثراه - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، ثم الملك سعود والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله - رحمهم الله-، ووصولاً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - أيده الله - الذي كان داعماً للمؤسسة منذ التأسيس، وهذا غير مستغرب عليه وهو راعي الخير وصاحب الأيادي البيضاء بالداخل والخارج، معرباً عن شكره لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الذي أعطى القطاع الثالث اهتماماً بالغاً في التنمية السعودية الحديثة.
وهو الأمير الذي أشاد في اجتماع مجلس أمناء مؤسسة الأميرة العنود الخيرية ومؤسسة العنود للاستثمار العشرين، الذي انعقد يوم الاثنين 28 مارس 2022م الموافق 25 شعبان 1443هـ في مقر المؤسسة بمدينة الرياض بدور صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن فهد بن عبدالعزيز نائب رئيس مجلس الأمناء وفريق عمله النجاحات الكبيرة؛ التي جعلت المؤسسة تكتب قصة زاهرة حكت قيادة ريادة القطاع الثالث.