«الجزيرة» - الاقتصاد:
وصلت قيمة الصفقات العقارية في العام 2021 إلى 137.4 مليار دولار أمريكي، متجاوزة مستويات العام 2020 (90.5 مليار دولار أمريكي) والعام 2019 (96.5 مليار دولار أمريكي) على التوالي، وفقاً لتحليلنا للتقديرات الرسمية. وساهمت السعودية بأكثر من نسبة 41 في المائة من إجمالي قيمة الصفقات، بينما أضافت الإمارات (دبي وأبو ظبي مجتمعتين) ما نسبته 33.4 في المائة إلى إجمالي الصفقات التي تمت في المنطقة خلال العام 2021. ووصل عدد الصفقات في العام 2021 إلى 663.323 مقابل 570.080 في العام 2020. جاء ذلك وفقًا لتقرير شركة كمكو انفستمنت. وقال التقرير، يعزى ارتفاع أنشطة الصفقات العقارية على أساس سنوي في العام 2021 إلى حد كبير إلى اقتناص فرص الشراء المميزة، وإلى مستثمري الرهن العقاري الذين كانوا حريصين على الحصول على معدلات منخفضة لعمليات الرهن العقاري، والمبادرات الحكومية لدعم الإسكان والرهن العقاري. إضافة إلى ذلك، شهد متوسط القيمة لكل صفقة عقارية في العام 2021 لأسواق مثل السعودية (+ 29.7 في المائة) ودبي (21.6 في المائة) ارتفاعاً ملحوظاً مما يشير إلى إقبال المستثمرين على العقارات التي تتميز بجاذبية أسعارها. وفي دبي، ساهم انخفاض العرض وجاذبية الأسعار في زيادة إقبال المستثمرين نحو المشاريع قيد الإنشاء التي يقوم المطورون بطرحها في أعقاب الوتيرة البطيئة التي شهدها العام 2020 (22 مليار درهم إماراتي)، إذ تجاوزت قيمة الصفقات الخاصة بالمشاريع قيد الإنشاء أكثر من 45 مليار درهم إماراتي في العام 2021. وبالنسبة للعام 2022، نرى من وجهة نظرنا أن معالجة تزايد معدل رسملة العقارات الخليجية على خلفية رفع أسعار الفائدة المتوقعة، ستكون دقيقة، عبر القطاعات الفرعية، ووفقاً لنوعية العقار. وتشير التقديرات إلى إمكانية قيام الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة مرات عدة خلال العام، والتي قد تتراوح ما بين 5 إلى 6 مرات بما لا يقل عن 25 نقطة أساس كل مرة، مما قد يؤثر على معدلات الإقراض في دول مجلس التعاون الخليجي. فيما يتعلق بتأثير الزيادات المحتملة في أسعار الفائدة، نمو معدلات الرسملة العقارية جزئياً فقط مع بعض التأخر، حيث يجب أن يتتبع صافي الدخل التشغيلي جزئيًا معدلات التضخم اعتمادًا على أساسيات الطلب، لا سيما في القطاعات الفرعية الأقوى من العقارات السكنية الرئيسية والمستودعات الصناعية المؤسسية.
العقارات السكنية ستشهد المزيد من الاستقرار، العائدات الإيجارية دون تغير يذكر.
بعد أن ألقت جائحة كوفيد-19 بظلالها خلال العام 2020 وأدت إلى تراجع الأسعار ومعنويات المستثمرين إلى أدنى مستوياتها، بدأت خلال العام 2021 في اكتساب بعض الزخم، وذلك في ظل مواصلة المستثمرين اقتناص فرص الشراء المتوفرة في قطاع العقارات السكنية على مدار العام. ونتيجة لذلك، زادت الأسعار في الأسواق الكبرى بمعدلات مرتفعة في خانة الآحاد على الأقل من حيث النسبة المئوية، إذ شهدت دبي زيادات سنوية بنحو 17 في المائة على أساس سنوي، وفقاً لشركة «بروبرتي مونيتور». واستفادت قطاعات الفيلات والمنازل من فئة (تاون هاوس) من إقبال مقتنصي الفرص العقارية، هذا إلى جانب مستثمري الرهن العقاري الذين حرصوا على الحصول على معدلات رهن عقاري منخفضة، وتزايدت المناقشات حول التأثيرات الممكنة لرفع أسعار الفائدة على معدلات القروض. وفي قطاع الشقق، تقلصت عائدات العقارات السكنية في دبي في العام 2021 نتيجة لارتفاع الأسعار بحوالي 15 -70 نقطة أساس لكل أنواع الشقق. كما ارتفعت الأسعار في الرياض وجدة بنسبة 6 في المائة على أساس سنوي، وفقاً للبيانات الصادرة عن جيه إل إل، حيث ساهمت المبادرات السكنية مثل برنامج سكني الذي طرحه صندوق التنمية العقارية ووزارة الإسكان في تعزيز الطلب على ملكية المنازل في السعودية. وبالنسبة للعام 2022، نرى أن سوق العقارات السكنية أصبح أكثر توازناً الآن، حيث قطعت الأسواق شوطاً طويلاً في رحلة التعافي، ومن المقرر الآن تحرك الإيجارات نحو مرحلة التعافي المتأخرة من الدورة الاقتصادية. كما أنه من المرجح أن تتباطأ وتيرة اقتناص الفرص في ظل مراقبة المستثمرين للقرارات المتعلقة بأسعار الفائدة وانتظارهم لاستقرار مسار نمو صافي الدخل التشغيلي وثبات معدلات الرسملة العقارية.
العام 2022 سيكون سنة الأساس الجديدة للطلب على العقارات المكتبية.
أدت المصادر الجديدة للطلب الناجمة عن التكنولوجيا، والإعلام والاتصالات، والرعاية الصحية/ الأدوية، والقطاعات القانونية، وقاطني العقارات الذين يفضلون توفير المسؤولين عن العمليات التشغيلية لبيئة عقارات مكتبية قائمة على أسس الاستدامة بهدف تمييز مكاتبهم مقارنة بالمساحات التقليدية والمرنة في العام 2021. في حين سعى آخرون لإعادة توظيف مساحاتهم لاستيعاب الطلب من مصادر بديلة مثل مراكز البيانات. وفي الوقت الذي أثرت فيه عوامل عدة غير اعتيادية على سوق العقارات المكتبية في دول مجلس التعاون الخليجي، ارتفع متوسط الإيجارات في دبي (+ 2 في المائة) وأبو ظبي (+ 5 في المائة) والرياض (+ 4.0 في المائة) على أساس سنوي في العام 2021، وفقاً لبيانات الاستشاريين. وفي الكويت، استقرت إيجارات المساحات المكتبية عالية الجودة من الفئة (أ) في حدود تراوحت ما بين 9-11 دينار كويتي للمتر المربع شهرياً، وظلت الإيجارات مستقرة على أساس سنوي، حيث ما تزال إضافات العرض الخاصة بالسوق المكتبي المتميز محدودة، في حين تراجعت الضغوط على إيجارات المساحات الثانوية. ومن المتوقع أن يزداد إجمالي المساحات المكتبية في الأسواق الرئيسية بدول مجلس التعاون الخليجي ليصل إلى 29.24 مليون متر مربع مقابل 27.31 مليون متر مربع، وفقاً لبيانات الاستشاريين. ونرى أنه قد تطرأ تعديلات على تلك التقديرات وأن يتم خفضها، بدلاً من نوعية المنتج الذي يبحث عنه المستأجرون الآن، وبسبب زيادة خيارات المساحات المرنة، مثل مراكز الأعمال المزودة بالخدمات. ومن الآن فصاعداً، من المرجح أن تظل إيجارات المساحات المكتبية من الفئة (أ) مستقرة وسيتم شغل المساحات الشاغرة بوتيرة سريعة، في حين أن التحول المستمر لمتطلبات المساحات الجديدة، والمستأجرين الذين يسعون إلى الانتقال إلى أماكن أفضل من مساحاتهم الحالية من شأنه أن يبقى أوضاع السوق مواتية للمستأجرين. كما أنه نظراً لكل العوامل المختلفة التي تؤثر على مصادر الطلب الجديدة سالفة الذكر، والشركات التي تعمل على ترسيخ إستراتيجيات العمل من المكاتب بالإضافة إلى المرونة/ العمل عن بُعد، نعتقد أن العام 2022 سيكون عام الأساس الجديد للطلب على العقارات المكتبية في المستقبل.
العقارات الصناعية تتحول إلى سوق ذي مستويين، واستمرار تحسين مخططات الطوابق ومزيج المستأجرين لقطاع التجزئة عادت الاتجاهات الهيكلية والدورية التي تفضل الطلب على المستودعات الصناعية للمساحات المصممة لتلبية احتياجات التخزين الفريدة لمستوياتها الاعتيادية في العام 2021 بعد أن شهدت اتجاهات قوية في العام 2020. كما تحول التأجير إلى سوق ذي مستويين، كأصول ثانوية وأصول منخفضة الجودة لم يتم تحديثها بشكل مناسب مما نتج عنه مواجهة تحديات كبيرة في الحفاظ على معدلات الإشغال واستقرار الإيجارات. كما يظهر انقسام السوق إلى مستويين من خلال اتساع نطاق الفروق بين الإيجارات الخاصة بالمساحات عالية الجودة والمساحات الثانوية في العام 2021، حيث شهد المخزون الأقل جودة انخفاضاً ثنائي الرقم خلال العام. ومستقبلياً، فإن الطلب على العقارات الصناعية الناجم عن التجارة الإلكترونية، ولوجستيات الطرف الثالث، وقطاعات الأدوية، والسلع الاستهلاكية سريعة الحركة، خاصة من المجمعات التجارية الضخمة، سوف يستمر في التزايد تجاه الأبنية الآلية للمراكز المبردة والتي يتم التحكم في درجة حرارتها. كما أن المنافسة والتطلعات الخاصة بالموانئ الإقليمية لتصبح مراكز نقل عالمية متعددة الوسائط، هذا إلى جانب المبادرات الوطنية مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية في السعودية ومشروع 300 مليار لتحفيز القطاع الصناعي الذي أطلقته الإمارات، من المقرر أن تسهم جميعها في تعزيز قطاع العقارات الصناعية.
وشهدت إيجارات قطاع التجزئة في دول مجلس التعاون الخليجي عمليات تصحيح تراوحت ما بين 3 -9 في المائة على أساس سنوي في مختلف الأسواق في العام 2021، وفقاً لبيانات الاستشاريين. واستمرت مفاوضات تجار التجزئة حول إعادة هيكلة الصفقات الإيجارية، والمساومة على فترات إضافية معفاة من الإيجار. كما استمرت عادات الإنفاق الاستهلاكي في التغيير خلال العام، وقام تجار التجزئة بقيادة خطط التوسع عبر إستراتيجيات القنوات الشاملة مثل خدمات Click الجزيرة Collect لتسهيل عمليات الشراء بهدف الحفاظ على الربحية والحصة السوقية. وعلى الرغم من تفضيل تجار التجزئة لمخططات الطوابق الأكثر ملاءمة لمصفوفة الربحية الخاصة بهم مثل المبيعات لكل قدم مربع ومعدلات تحويل المبيعات وما إلى ذلك، إلا أن تركيز مطورين مراكز التسوق يتجه من ناحية أخرى إلى تصميم مراكز تسوق كبيرة الحجم للجمع بين التجربة الاجتماعية التي تشمل البيع بالتجزئة، والأطعمة والمشروبات والترفيه. وعلى عكس قطاع المساحات المكتبية، نعتقد أن الطلب على عقارات قطاع التجزئة وزيادة تردد المستهلكين على محلات مراكز التسوق سيستمر في التطور إلى ما بعد العام 2022، مما قد يدفع المطورين إلى إعادة النظر في مخططات الطوابق الخاصة بالمشاريع المقبلة للحفاظ على ميزتهم التنافسية.
يتعين تحسن ربحية السهم لإعادة تقييم الأسهم العقارية.
شهدت مؤشرات الأسهم العقارية في كل أسواق دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء قطر مكاسب في العام 2021 بما يتسق مع الأداء العام للمؤشرات الأوسع نطاقاً. إذ ارتفع مؤشر العائد الكلي للعقارات الخليجية الصادر عن شركة ريفينيتيف بنسبة 20.2 في المائة، إلا أن أرباحه كانت أقل من مؤشر مورجان ستانلي الخليجي (+34.9 في المائة) خلال الفترة نفسها، فيما يعزى بصفة رئيسية إلى تراجع مكاسب أسهم المطورين العقاريين وصناديق الاستثمار العقارية المتداولة في السعودية. وكانت الكويت (+ 39.2 في المائة) ودبي (36.9 في المائة) وأبو ظبي (+ 28.4 في المائة) هي الأفضل أداءً، بينما تراجعت قطر بنسبة 9.8 في المائة منذ بداية العام حتى تاريخه. ونؤكد مجدداً على أن مؤشرات الأداء الرئيسية للقطاعات العقارية الفرعية ما تزال في مراحل مختلفة من التعافي وسيتطلب الأمر من وجهة نظرنا تحقيق معدلات نمو هائلة من الآن فصاعداً لضمان إعادة تقييم أسعار أسهم المطورين وصناديق الاستثمار العقارية المتداولة في العام 2022. إلا أن بعض الأسهم المحددة سوف تواصل التفوق على المؤشرات الأوسع نطاقاً بسبب الإعلان عن مشاريع مميزة تتسم بارتفاع معدل العائد الداخلي على الاستثمار، وأنشطة الاندماج والاستحواذ للشركات التي ترتفع أرباحها بعد عملية الاستحواذ، ومن خلال التعرض الإضافي لقطاعات أكثر استقراراً مثل العقارات السكنية واستثمارات المحافظ في الشركات الناشطة في مجال التكنولوجيا العقارية وشركات إدارة الممتلكات العقارية لإضافتها لمحافظهم المالية.