مها محمد الشريف
أحداث سياسية متفرقة، أنتجت مواطنًا سياسيًا بالفطرة، حيث اقتحمت المتغيرات الأبواب وشارك فيها الرجل والمرأة والطفل شارك بالرأي والتحليل والاستنكار والشجب وحلت الأرقام مكان الحروف، وتسابقت الوسائل على نشر الخبر، وتوالت العناوين الغريبة العجيبة على صفحات الصحف الإلكترونية والمواقع الاجتماعية، منهم من يكتب: رصاصة واحدة لا تكفي، ومنهم من يكتب: نريد دواء يسكن آلام الحرب، وآخر يكتب مجرم آثم ينتمي إلى حزب وحشي، عناوين لافتة وغريبة ودساتير أغرب.
بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية، كل طرف يحاول فرض وجهة نظره وأصبحت وسائل الإعلام أداة بيد السياسيين في الأزمات بشكل كبير، وتجلت مظاهر البروباغندا التي تمارسها هذه الوسائل في العالم، من حيث تلميع صورة الطرف الذي تؤيده وتقوم بالتأثير عاطفيا في الشعوب عوضا عن العقلانية، فكل المعطيات التي تصدرت الأخبار السياسية أصبح الكل يتناولها بكل قناعة، وتخبر بأن الحرب والفوضى والصراعات مادة أساسية تتصدر نشرات الأخبار وجميع وسائل الإعلام، والكثير يتابع الأحداث بشغف واهتمام بعد تطور مجال الاتصالات الذي أصبح له تأثير عميق في بنية المجتمعات البشرية بتسارع التحولات التقنية التي اتخذت سياقاً آخر أشد تأثيراً.
فإن هذه التأثيرات كبيرة مع ظهور الأجهزة المحمولة وانتشار الإنترنت وظهور مواقع التواصل الاجتماعي، وقد أحدثت هذه التحولات ثورة عالمية، تستخدم هذا المبدأ في جميع الاتجاهات الأمر الذي فتح المجال للأفراد والجماعات للتواصل وخلَقَ إعلاماً شعبياً مستقلاً عن الإعلام الرسمي، في مواكبة مبهرة، تصدرها الانفتاح على الفضاء السيبراني بكل مكوناته فالتحول الرقمي في كثير من القطاعات، والاقتصاد الرقمي من خلال الاستثمار في القطاعات التقنية تتميز بخصائص دقيقة تدفع للأمام بثورة مفاهيم تواكب التحديثات القائمة على طرق التواصل.
فالتقنية غيرت العالم وأحدثت ظروفاً غير مسبوقة بدأ معها المشهد الإعلامي العربي وقد أعطى الفكرة الأساسية لإنجاز هائل من التطور الذي اتخذ سمات جديدة خاصة مع ظهور أدوات البث الفضائي الذي يمتلك إطارا له المقدرة على بناء هرم إعلامي ضخم منها الأجهزة الإعلامية الرسمية التي تحولت إلى فضائيات.
يمكننا هنا أن نبيّن، أننا لم نجد ذلك الحرص من آبائنا وأجدادنا بالشأن العام السياسي ولا يحبذون الخوض فيه وكأنه من المحرمات الدينية، وها هي الحروب اليوم الناجمة عن التسلط والصراعات التي أقصت الأرواح وانتهكت الحرمات وقتلت البراءة وسلبت الحقوق والكرامة الإنسانية أرغمت شعوب العالم على المتابعة وتقصي الحقائق ومراقبة الأحداث.
من الصعب إيجاد تعريف واحد يتفق عليه العالم وقد آلت كل المحاولات بالفشل، فالتأثيرات في حركة مرور الزمن وفي جميع نواحي الحياة، لا تنعش التاريخ أو يزدهر الاقتصاد إلا إذا نجحت الخطة السياسية وتقدمت مصلحة الوطن والمواطن، ولكن بعض الأنظمة العالمية افتقدت النسق الفكري الذي يشيد الأوطان ويعكس موضوعية الواقع، لم يأخذ في الاعتبار أن الإنسان هو الأداة والتقنية الطبيعية الأولى في الحياة ومن أجله رسمت الخطط وتوجهت الجهود إلى قدسية الكرامة والعمل على رفاهيته عوضاً عن الزج به في قلب الصراع ودمار الحرب والتكاليف الباهظة والخسائر المترتبة عليه.
فكل الجهود الدولية بما فيها من وسائل الإعلام الإقليمية والمجتمع الدبلوماسي يبحث كل منهما عن أهمية التوصل إلى تسوية للأزمة الحالية، ولكن معظم التوقعات ترجح تزايد الاضطراب والانعكاسات الاقتصادية العالمية، وتصعيد هذه الأزمة سينعكس سلبا على العالم.