م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- أيهما أكثر خطورة على الإنسان الوعي أو اللاوعي؟ وحينما قال «سقراط» مقولته التي أغلبنا نرددها دون فهم أو لنقل دون وعي وهي: (اعرف نفسك)، هل كان يقصد أن نعي أنفسنا التي نتعامل معها بلا وعي؟
2- التجربة أثبتت للإنسان أنه عدو نفسه! أليس في ذلك إثبات أن الإنسان لا يتعامل مع نفسه بوعي، وهذا دليل على أنه لا يعرفها؟ وهل عدم الوعي بالنفس ومعرفتها إيجابي أم سلبي؟
3- لماذا كل النصائح والحِكَم تصب في أن الإنسان الحكيم الراشد يجب أن ينتصر على نفسه لا أن ينتصر لها! وهل هذا سبب عداوتنا لأنفسنا؟ وهل تلك الدعوات للانتصار على النفس لا الانتصار لها محقة أم هي السبب الذي جعلنا أعداء لأنفسنا بدلاً من أن نتصالح معها؟
4- حينما تكون الحكمة العامة المكتسبة من التجربة الإنسانية هي أن تنتصر على نفسك لا أن تنتصر لها ألم يخلق ذلك أول عدو للإنسان وهو نفسه؟ ومنها انتشرت المقولة السائدة وهي: «أن الإنسان عدو نفسه!» يبدو أنها غريزة بشرية أن يخلق الإنسان عدواً له.. فإن لم يجد وجده في نفسه!
5- الأمر الآخر هذا الحث المتواصل من الفلاسفة منذ أن بدأوا في بعث رسائلهم بأن يكتشف الإنسان نفسه! وكأن النفس غابة مجهولة بعيدة غير معروفة.. وحولوا العلاقة بيننا وبين أنفسنا إلى علاقة حرب.. وصارت أرواحنا ساحات قتال ضارية.. وأوهمونا أنه إن كنت انتصرت نفسك فأنت مهزوم وإن أنت انتصرت على نفسك فأنت منتصر! لماذا هذا التفريق بين الإنسان ونفسه؟! إنها فلسفة غير مفهومة ربما يفهمها فقط النخب من المثقفين الفلاسفة، لكن نحن العامة لا أظن أننا يمكن أن نفهمها!
6- كيف يمكن أن أعادي نفسي! وكيف يمكن أن أعتبرها عدوي؟ ألا يعد هذا انفصاماً في الشخصية وخللاً في العقل وضموراً في الفهم؟ كيف يكون الإنسان راشداً إذا كان يعادي نفسه أو أي مكون من مكونات نفسه؟! بعض الناس يفسرون ذلك بأنها محاولة لأن تعرف نفسك أكثر عبر العداء لها وافتراسها عبر كل الوسائل الممكنة! ما هذا؟! هل يجب أن أعادي نفسي وأفترسها بأقسى ما يكون حتى أعرفها؟
7- ألا يمكن أن أعرف نفسي عبر تطمينها وبث شعور الحب والود بيننا.. ألا يمكن أن أتعرّف على نفسي بمخاوفها وأحلامها وطموحاتها من خلال مصادقتها؟ حيث يمكنني سبر أغوار روحي وكشف أسرارها بالتهوين والتطمين.. كيف تريدونني أن أعادي نفسي وتعدون ذلك شجاعة ومواجهة.. وترون في صداقتها هروباً وجبناً عن المواجهة؟ أنا في صداقتي لنفسي لا أبحث عن نقاط ضعفها لأهاجمها من خلالها، والمناورة للانتصار عليها، بل من خلال صداقتي أبحث عمَّا يقويها ويساعدها على تقوية نفسها.
8- أعود للسؤال الأول: أيهما أشد خطورة على الإنسان: الوعي أم اللاوعي؟ يقولون إن الوعي لأغلب الناس أشد خطورة من اللاوعي.. وأغلب الناس الذين يقصدونهم هم العامة الذين هم ملح الأرض والفئة الطاغية عليها.. الذين يسعون في نهارهم لكسب عيشهم ويريحون أجسادهم ونفوسهم في ليلهم.. فهل من المطلوب إشغالهم بما ليس لهم ولا يفيدهم؟ نعم الوعي خير من اللاوعي، لكن أليس الوعي فرض كفاية يكفي أن تعيه النخب فيسقط عن العامة حتى يرتاحوا في حياتهم؟
9- ثم لماذا ربط الوعي بالعداوة وإيجاد عدو؟ ويجيب بعض المفكرين أن الإنسان لا يعادي نفسه لميوله العدوانية، بل لاستفزازها لتُظْهر أفضل ما لديها.. فالإحساس بالعداوة هو أقوى من الإحساس بالمنافسة وكلاهما محفز.