عثمان بن حمد أباالخيل
الكلام هو الوسيلة الأكثر انتشاراً بين الناس للتواصل مع الآخرين، لكنه ليس الوحيد فهناك وسائل أخرى مثل لغة الإشارة ولغة الجسد ولغة برايل. الصمت ضد الكلام والإنسان هو الذي يقرر متى يتكلّم ومتى يصمت. والحقيقة أن هناك مواقف يكون الصمت فيها مطلوباً، وأخرى يكون فيها مرغوباً وثالثة يكون فيها الصمت مأساة وضياعاً لنفسك والآخرين. والصمت في وقتنا الحالي أصبح شبه معدوم حيث إن العلاقات الاجتماعية المختلفة واللقاءات تأخذ حيزاً من ساعات يومنا. وفي رأيي الشخصي الصمت لا يعني أن الإنسان أخرس، فالقدرة على السكوت نعمة يتحلى بها الذين يحسبون ويزنون كلامهم. وقديمًا قال سقراط: تكلم حتى أراك. وهناك من يتساءل كيف أكسر جدار الصمت؟ وهل للصمت جدار.قال الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي الدرداء (ألا أدلك على أيسر العبادة وأهونها على البدن؟ عليك بالصمت وحسن الخلق فإنك لن تعمل مثلهما). وعن مُعَاذٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟)، ديننا الإسلامي يحثنا على الصمت في مواقف كثيرة لكن بعض المواقف يستوجب الكلام، ولهذا فقد اهتم ديننا الإسلامي الحنيف بإظهار أهمية حفظ اللسان وإبعاده عما من شأنه أن يسبب الضرر. الصمت ليس ضعفاً (لسانك حصانك إن صنته صانك) لكن له عدة معانٍ أما اللبيب بالإشارة يفهم أو حرصاً على إبقاء العلاقات قائمة أو تحاشيا للاصطدام غير المحمود عواقبه أو كما يقال رسالة تفهمها وهي طايرة، الصمت ميزة يتحلى بها الإنسان حين يكون الصمت في محلّه، المرأة هي الأكثر تأثراً بهذا التغيير تغير مفاهيم الصمت خاصةً وأن الرجل بطبعه يميل إلى قلة الكلام على عكسها فهي محبة للتحدث بالتفاصيل وطلاقة اللسان. أقتبس (قال لقمان لولده: «يا بني إذا افتخر الناس بحسن كلامهم فافتخر أنت بحسن صمتك).
فمتى نصمت، الصمت حين أجد أن الحوار لا جدوى له مع إنسان لا يفهم مبادئ الحوار، الصمت حين يستفزني إنسان دون مقدمات، أو عندما أصدم بردة فعل من شخص كنت أتوقع منه غيرها، حين أجد الصمت أروع وأفضل من الكلام، أصمت حين أجد زوجتي لا تعرف ماذا تريد، أصمت حين أجد زوجي لا يقدر تعبي، أصمت حين أجد نفسي في مفترق الطرق لا أعرف أين أتجه.
الصمت بالتأكيد ليس محبباً بل واجب أن تتكلم حين ترى أو تسمع أو تستشعر بما يهدد الآخرين مهما كان هذا التهديد، فالمودة بين الناس مطلب ديني فعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى).
وفي الختام الصمت يجعلك تحسن الاستماع خصوصاً في هذا الزمن حين تتداخل أصوات المتحدثين ولا تفهم مما يقال وتضيع الطاسة، (خير الفضائل الصمت لأنك بواسطته تستمع للآخرين فتعرف عيوبهم وتخفي عيوبك) جورج برنارد شو.