سمر المقرن
اعتدنا سماع جملة (رعاية الأيتام) مع كل ما تشتمل على الخدمات الإنسانية والتربوية التي تُقدم لهم. لكننا اليوم بالآلية الجديدة لاستراتيجية الإدارة العامة لرعاية وتمكين الأيتام، ندخل إلى حيز جديد وذلك بالانتقال بهم من حيّز الرعاية إلى التنمية. مع وضع آليات مفصلة للانتقال بهم إلى مواطنين منتجين. وهذه النقلة تأتي ضمن تحقيق رؤية المملكة 2030.
من المؤكد أن حياة اليتيم ونشأته داخل الأسرة تختلف تماماً عن حياته في دار الرعاية، لا من الناحية النفسية ولا الاجتماعية وحتى في بناء قدراته ومهاراته وسلوكياته في أن ينشأ بشكل طبيعي، وهذا الأمر ركزت عليه الاستراتيجية مع المحافظة على اليتيم الذي يعيش لدى أسرة كافلة، وإيجاد التنظيمات المتكاملة للاحتضان، مع تأهيل العاملين المتخصصين في مجال متابعة الأيتام لدى الأسر الكافلة. واللافت لمن يطلع على الاحصائيات فإن عدد الأيتام لدى الأسر أعلى بكثير ممن هم في دور الإيواء، وبحسب آخر إحصائية للعام 2021م، بلغ عدد الأيتام لدى الأسر الكافلة (9144) من بين مجموع (11640).. وهذا الرقم بهذه النسبة العالية هو من وجهة نظري إنجاز كبير يحفظ سلامة اليتيم من كافة النواحي. إضافة إلى الإعانة المادية المقدمة للأسرة التي ترعى اليتيم حيث يُصرف له شهرياً مبلغ (2000) ريال إذا كان دون السادسة من عمره، ومبلغ (3000) ريال لمن هو فوق عمر السادسة، بالإضافة إلى مكافأة تبلغ (20000) للأسرة بعد انتهاء فترة الكفالة. بما يعني أن الخدمات ميسرة والأسرة العائلة لن تتكبد أي مصاريف لرعاية اليتيم.
أما فيما يخص الأيتام ممن لم يحالفهم الحظ للعيش في كنف أسرة حاضنة، فقد تم تحديث الأنظمة وتطويرها بنمذجة وتجهيز وإسناد خدمات الرعاية الاجتماعية المقدمة لهم في المراكز والدور والمؤسسات بالشراكة مع القطاعين الخاص وغير الربحي لتحسين كفاءة الخدمات المقدمة لهم بالإضافة إلى المساهمة في تمكينهم للعمل كعناصر وطنية فاعلة في تنمية الوطن.
أقولها بصدق، كان هؤلاء الأيتام ذوو الظروف الخاصة يعانون كثيراً من أوضاع لم يكن فيها أحد مسؤولاً سوى أبوين بقلوب صخرية، أودت بهؤلاء الضحايا إلى اختيار العزلة بعيداً عن ضجيج النظرة الدونية.
لكننا اليوم مع هذه الاستراتيجية والعدد الكبير من المشاريع والآليات التنموية نراهم يخرجون إلى المجتمع بمشاعر الثقة والاعتزاز بعد توفير الكثير من الدعم النفسي والاجتماعي وتطوير قدراتهم المهنية والمعرفية، وإشغالهم بالبناء والمساهمة في تنمية هذا الوطن بعيداً عن الاستسلام لظروف خارجة عن إرادتهم.
إن شعور الإنسان بأنه «منتج» وأن وطنه ينتظر منه الكثير هو أكبر تحفيز يجعل منه قادراً على تجاوز كل الصعوبات، والنظر إلى السماء عالياً وإلى الحياة والمستقبل بعطاء وإيجابية.