علي الخزيم
ليس من الإنصاف أن نجعل الأشقاء من اليمن بميزان واحد حين التأمل بتصرفات البعض منهم فمن يُقيمون بيننا كإخوة وضيوف لهم كل التقدير والاحترام، يعيشون مندمجين معنا كالأهل بل ربما أكثر؛ يعملون بحرية يتكسبون كما يريدون في ظل أنظمة يطبقها المواطن السعودي قبلهم، لا تعترضهم أي قيود أو شروط خاصة، يُحوّلون الملايين من الريالات يومياً دون تضييق أو سقف مُحَدَّد، وكيف لا يكون ذلك والمملكة أعزها الله أكبر داعم لليمن الشقيق دون حدود وبكل مجال، وانظر إلى ما قدمته قيادتنا الرشيدة مؤخراً من دعم مالي ملياري ريال يضاف لما سبق عبر عقود مضت، فهي الساعية بدأب لتحقيق أمن اليمن واستقراره وازدهاره، وكثير من الإخوة الأشقاء باليمن يُدركون هذا السعي المبارك من لدن حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده أيدهما الله سبحانه، غير أن الحديث سيكون عن تلك الفئات الخارجية التي تأبى هذا المنطلق والمنطق مدفوعة بتأثير أجندات دخيلة تغلغلت ببلاد اليمن الذي كان سعيداً فحوّلته إلى الشقاء.
فكلما أراد اليمن النهوض أركَسَته أيدي الغدر والتدمير ليعيش الذل تحت وطأة طغمة من بقايا الفرس ممن دخلوا اليمن منذ عصور مضت بحجة دعم فئة ضد أخرى، ابتداءً من جهود طرد الأحباش عن حكم أجزاء من اليمن، مروراً بعهد باذان الفارسي الذي أسلم وحسن إسلامه زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يكن حكم الفرس لليمن بتلك الحُقب حكماً فعلياً واقعياً، فلم يحكم ولاتهم اليمن كلها وإنما كان حكمهم اسميًّا صوريًّا اقتصر على صنعاء وما والاها، أما غيرها فكان حكمها لأبناء الملوك من بقايا الأسر المالكة القديمة وللاقيال والأذواء (الاقيال: هم أبناء وأحفاد الملوك من الممالك اليمنية التاريخية، والاذواء: من معانيها شيوخ القبائل الكبرى من ذوي النفوذ والسطوة)، ويتواتر أن بقايا الفرس باليمن هم ممن يُطلِق عليهم اليمنيون (الأبناء) وهي تسمية للعناصر اليمنية ذات الأصل الفارسي التي قدمت لليمن بالنصف الأول من القرن السادس الميلادي لنجدة (سيف بن ذي يزن) ضد الأحباش، ثم مكثوا بأرض اليمن وسكن أخلافهم بقرى محدودة معروفة، واستغلَّهم نظام طهران الصفوي بالعقود الأخيرة لإثارة النعرات الطائفية خدمة لأغراضه التوسعية لتحيق أحلام بائدة لمملكة فارسية على حساب نهضة وازدهار بلاد العرب المجاورة.
بعض من أبناء اليمن (ومنهم المُتحوثّون أذناب الصفوية الفارسية) ومن بعض الدول العربية الشقيقة ممن تعاني بلادهم أزمات متفاقمة بسبب تدخلات نظام طهران وأذنابه وعصاباته المثيرة للفتن والقلاقل ببلاد العرب والمسلمين؛ تجد منهم من يفرح ويحتفل كلما تعرضت بلادنا لاعتداء من عصابات الحوثي المدعومة من النظام الإيراني، كما أن منهم من اندرج ضمن عصابات التزوير والغش بكل مجال، وتهريب وترويج المخدرات بصنوفها وأنواعها، علاوة على استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لبث ما يُسيئ للمملكة وقيادتها وشعبها، والتساؤل الحاضر هو: أين عقلاء هؤلاء القوم من سفهائهم؟!