رمضان جريدي العنزي
الغرور ثقة بالنفس عالية، ونظرة خاطئة للذات، وهو مرض وهمي، وخلق ذميم، ولؤم نفس، ونتيجته سلبية، ولا يقود الغرور إلا لخسران مبين، وكل من يغتر بماله ومركزه ومنصبه وعلمه وأتباعه وزخارف الدنيا ومباهجها يصبح صريع غروره وتعجرفه وتعاليه، إن الغرور داء يدل على الانتكاسة النفسية للشخص، وعلى قصور بائن في فطنته، وانطفاء نور العقل والبصيرة عنده، إن الغرور مرض من أمراض الحياة، يداهم أصحاب العقول الواهنة الضعيفة، التي تعيش بين الناس وفق تعالٍ وتكبر، إن الإنسان الذي يأخذ منه الغرور مأخذه ويجعله يسير فوق الأرض مختالاً فخوراً، كأنه الطاووس، يرى الناس من حوله كأنهم ذباب يتطاير، وكأنه الأوحد صاحب التميز والتفرد والمكان والزمان، إن مثل هذا الذي يرى نفسه غير الآخرين سينتهي عاجلاً وإن نبت له جناح وريش، إن الإنسان مهما ارتفعت مكانته ومنزلته، وكثر ماله، وتنوعت مقتنياته، عليه أن يتذكر أن التواضع يزيد من الاحترام والتقدير من قبل الآخرين، وكلما طغى في غروره وتعالى وتكبر ابتعد عنه الآخرون مسافات بعيدة، وأميالاً عديدة، لأنه يصبح في نظرهم لا يستحق المجالسة والمؤانسة والمعاشرة والمحادثة، قال الشاعر:
وأقبح شيء أن يرى المرء نفسه
رفيعاً وعند العالمين وضيع
تواضع كالنجم لاح لناظر
على صفحات الماء وهو رفيع
لأنك كالدخان يعلو بنفسه
إلى طبقات الجو وهو وضيع
قاتل الله الغرور، فكم أضاع أناساً كانوا ملء السمع والبصر، تلبسهم ثم أوردهم الهلاك والنهاية البائسة.