الخلاف سنة كونية وغاية من غايات كثيرة أوجدها الله تعالى، والطبيعة البشرية تتفاوت في التفكير والفهم ومن هنا يكون الخلاف بقسميه.
خلاف التنوع فالكون والحياة كلها مبنية على التنوع والتعدد الذي يقتضي إعمار الحياة وإصلاحها كل في مجال مختلف عن الآخر، فترى بعين الآخرين وتفكر بعقولهم مما يعطي اتساعاً معرفياً واكتمالها من جوانب عدّة.
وفي حياتنا التي نعيشها من القضايا والمسائل التي تحتمل تعدد وجهات النظر وتباين الآراء فيكون التضاد في إبطال قول الآخر.
هناك العديد من الآداب والأخلاق النبيلة التي تجعل الخلاف ذا فائدة إيجابية، وتجعل الفرد يتنزه ويترفع عن الشقاق والجدال، ونستعرض أهم هذه الآداب والأخلاق.
أولها هو العدالة والإنصاف فعند الخلاف مع الآخر يجب على الفرد أن ينزل الآخرين منزلة نفسه في المواقف، وتقبل ما لدى الآخر من الحق والصواب.
أيضا الموضوعية، وتتم من خلال ذكر الدليل المقنع على صحة الأقوال والأفعال، والتخلص من النزعة الذاتية، والبعد عن التحيز والغموض، والاحتكام إلى العلم في قضايا الخلاف، وإعطاء المخالفين الحرية في التعبير عن آرائهم وأفكارهم، وكذلك الدقة في إطلاق الأحكام على الآخر.
أما الصبر فهو من أهم هذه الآداب، إذاً يجب أن نكون صبورين على الآخر عند الخلاف، والتعامل بالحكمة واللين والسهولة، والصبر على أذى القول أو الفعل من الآخر لتبين الحق.
وقد أوصانا ديننا الحنيف بمقابلة السيئة بالحسنة في كل المواقف، لذا من الأولى تطبيق ذلك عند الخلاف، ويعني أن يتم الإحسان إلى الآخر ولو قام بالإساءة، بل أن يكون الفرد متقناً لفن العطاء، ويبذل قصارى جهده في محاولة إصلاح الآخر، ويستميل النفس والقلوب بشتى الطرق. أما المداراة فتكون بالكلمة اللينة التي تؤلف القلوب وتفتت العداوة، وحسن اللقاء، وتجنب ما يشعرهم بانتقاص لشخصهم أو التقليل من شأنهم، ومسايرتهم في أمورهم وأفعالهم، وبيان مواطن الخطأ بكل مودة ورحمة.
احترام رأي الآخر، والاحترام كصفة وأدب في الخلاف يتطلب عدم إرغام الآخر على اعتناق آراء معينة والتخلي عن آرائه، وعدم الاستهزاء بوجهة نظر الآخر، بل احترام رأيه، والإقرار بأن الحقيقة ليست حكراً لطرف دون آخر، وأن اجتماع الآراء المتباينة يظهر الحق.
أيضا الحلم مطلوب وقت الخلاف، ويعني ضبط النفس وكظم الغيظ عند الخلاف، والبعد عن الغضب، والصبر على الأذى، والصفح والهدوء وسعة الصدر.
لين الجانب، أي استخدام اللين والرفق في القول والفعل، وذلك باستعمال أجمل الكلمات وأرق الأساليب فيؤدي ذلك إلى تقبل القلوب ومودتها واقتراب الأفكار، وكسب العقول.
وأخيراً القوة، وتعني هنا قوة الحجج والبراهين، والتعبير عنها بكلمات قوية، مع قوة الشخصية وثباتها، وقوة العقل وطرائق التفكير.