إيمان حمود الشمري
«هاشتاقات» تحمل عبارة جيل الثمانينات تتبعها آلاف التغريدات التي تقلل من شأن هذا الجيل وتسخر منه وتصفه بجيل العجائز!! فمن هو جيل الثمانينات كي يستحق كل هذا الهجوم والسخرية التي تصل أحياناً حد التجريح؟
هو جيل تحمل التفاوت الاجتماعي وتنازل واجتهد كي يصل بعلمه لا بالضغط النفسي على أهله مقابل أن يتساوى مع زملائه دون أي مراعاة لظروف عائلته المادية، ولم يرهق أهله بالمصاريف، وكان يكتفي بالقليل عوضاً عن وجود حصالة للادخار والتوفير لشراء النواقص.
جيل سار للمدرسة دون مواصلات يحمل حقيبة ثقيلة على ظهره دون أن يشتكي وعرف أن قيمة النجاح الحقيقية بالعلم والإنجاز لا بحجم المتابعين، جيل ذهب للدراسة في نهار رمضان لسنوات دون تذمر من قرار الوزير!!
جيل يخجل من أن يرى أمه تحمل الصينية دون أن يهب واقفاً ليتناولها منها، ويحرجه أن يدخل والده البيت وهو ممدد فيعدل من جلسته حين يرى والده مقبلاً، ولا يجرؤ على أن يمد يده للسفرة قبل أن يأتي رب الأسرة بنفسه.
جيل لم يرادد والديه وابتلع الكثير من الدموع والكلمات والردود احتراماً لهما، جيل كتوم صبور تحمل الكثير من المشاكل والمضايقات اليومية ولم يعرف والداه الكثير عنها.
جيل لم يسخر من مفردات والديه رغم تعليمهما البسيط لأنه يعلم أن الأم والأب خط أحمر لا يمكن تجاوزه حتى على سبيل المزاح، جيل لم يعرف خاصية المسح والتراجع فكان أكثر قوة وإقداماً، وكان يتحمل مسؤولية الكلمة التي تقال حتى أصبح خوفه حكمة وتردده تدبراً.
جيل تربى على أرقى المسلسلات العربية والخليجية التربوية ابتداءً من (إلى أبي وأمي مع التحية، وانتهاء بليالي الحلمية).
جيل سمع لمتولي الشعراوي وعلي الطنطاوي حيث كانا مصادر ثقة قبل أن تتنوع مصادر الدين وتستهلك وتستخدم للدعايات والإعلانات.
جيل تعلم كيف يصلح حتى أشرطة الكاسيت عندما تنقطع بطلاء الأظافر دون أن يرمي الشريط ويشترى بآخر، وتربى على إعادة التدوير باستخدام كأس الجبن الفارغ لشرب الشاي دون أن يخجل من ملصق اسم الماركة عليه.
فلا نستغرب لو أن هذا الجيل الذي حمل أجمل الصفات والأخلاقيات والذكريات أن تصنع له الأوركسترا الكويتية عرضاً خاصاً من ثمانين عازفاً ومؤدياً بقيادة المايسترو د. محمد باقر الذي قدم مع فرقته شريطاً من الذكريات حمل اسم (الثمانينات) وتم استضافتهم في النسخة الأولى لموسم الرياض، ليقام العرض الذي يتكون من أكثر من 55 لوحة مرئية وغنائية على مسرح جامعة الأميرة نورة، ويقدمونها كإهداء لكل من عاصر هذا الجيل، وكأنه يشاهد حياته الخاصة على مرأى من الجميع، مما يؤكد لنا أن هذا الجيل هو الجيل الأجمل والأكثر تأثيراً.
نعم يستحق جيل الثمانينات هاشتاقاً يحمل اسمه مع الكثير من عبارات الثناء والتقدير. ويكفيه أنه جيل مهذب لم يجرؤ يوماً على وصف من هم أكبر منه سناً بالعجائز!!