عبده الأسمري
منذ زمن طويل ظلت الفضائيات تتبارى في حوارات فضائية مختلفة كانت في البدايات تطلب «ود» الضيف حتى يوافق نظراً للانشغال أو التوجس في حين توالى الضيوف عبر سنوات متلاحقة وبقت هنالك «وجوه» مستنسخة سنوياً تأتينا وكأنهم يمعنون في تهميش «ذائقتنا» الذهنية وتشويه «رؤيتنا» البصرية ومهاجمة «أصدائنا» السمعية.. في حين يقبع في الطرف الآخر من الحوار ذلك «المحاور» الذي تراه يتباهى وكأنه «فيلسوف» زمانه وما أن تدقق في الأسئلة حتى تتفاجأ بسذاجة «معلنة» وتصطدم بسماجة «علنية» وما أن تتوسط الحلقة زمنها حتى ترى «الخروج» عن النص ليأتي المقدم «المخدوع» في موهبته مطلقاً «القفشات» و»النكات» و»الضحكات» حتى يمرر على المشاهدين «حيل» التلقي..
بعض الفضائيات حاولت أن تغطي «عجزها» المهني بتجميل «بلاتوهات» التصوير وإضفاء شيء من «الفلاشات» الروتينية على مقدمة البرنامج من خلال عرض عن الضيف أو من خلال تصويره في مواقع مختلفة جاءت من باب «الفبركة» المحبوكة أو «الاتفاق» المسبق، وظل القائمون على تلك الحوارات يقتبسون نفس «المشاهد» من أمثالهم السائرين على ذات «النمطية» المقيتة التي تثير «البؤس»!!
عجبت واندهشت من أسماء ضيوف تخصص لهم ساعة وأكثر في حوار خاص وأن تعمقت في سيرة البعض منهم وجدته «متسرباً» من الدراسة أو «متهرباً» من المسؤولية وآخرين مع كل أسف وخجل من «مشاهير» الفلس الذي يتباهى بمتابعة مليون شخص تسعة أعشارهم من «المراهقين» والعشر الأخير من «الوهميين» الذين تم شراؤهم من إعلانات المسابقات في وسائل التواصل الاجتماعي.
أتعجب من تجاهل بعض المقدمين لعباقرة الطب و»جهابذة» المعرفة و»أعلام» الثقافة و»وجوه» الأدب ليستضيفوا «فناناً» مغموراً أو «ممثلاً» صاحب أدوار ثانوية ليكون «حكماً» ينقد ويحلل ويوجه حتى أن بعض البرامج باتت منبعاً لإثارة الجدل والتساؤلات وحتى «الفتن» من خلال ما يتداول فيها من محاور هزلية وأسئلة عقيمة نتجت عنها «إجابات» غامضة أو مؤدلجة أو «أقوال»موجهة أو أحاديث «ملغومة»!!.
بعض الضيوف المكررين القادمين بلا تاريخ يؤهل ليكون أحدهم «ضيفاً» يستعرض سيرة نافعة أو مسيرة شافعة والداخلين الى البرنامج الحواري من خلال صداقة بالمقدم أو زمالة بالمعد يأتون ويدخل بعضهم في «نوبات» بكاء مضحكة !! بحثاً عن «شهرة» عند الغير أو استدرار عطف لدى الآخرين وقد يتحدث فيما لا يعنيه وعن أمور لا تخصه وليست من اختصاصه ولا تمت لمهنته أو حرفته أو خبرته بصلة مما يعكس «اتجاهين» مؤكدين أحدهما «ضعف» المحاور والآخر «جهل» الضيف!!
لا تزال بعض البرامج الشهيرة بعرض السير تسير بموضوع «القصص» الخاصة و»الحكايات» القديمة في تشابه يعكس «التكرار» السنوي الذي يحتاج إلى ابتعاد عن «الموسيقى» المؤثرة وعن «الايقاعات» المتوالية التي تأخذ من البرنامج نصف الوقت..
«الاستثناء» في العرض يوجب «الثناء» على المحتوى مما يتطلب تغيير تلك البرامج المكررة وعلى القنوات أن تختار الضيوف بعناية فالفضائيات العربية منذ عشرين عاماً تستضيف الفنانين والفنانات بشكل مستمر وتمارس تلك «المهزلة» المعروضة في استعراض صورة شخص ليأتي التعليق من الضيف بالذم أحياناً وبالمديح أحايين أخرى في حين أن هنالك عرضاً بائساً لصور للضيف في مراحل من عمره مع شخصيات مختلفة ثم يطلب منه الحديث الذي يأتي اما ببكاء «مصطنع» أو نواح «وهمي» أو ضحكات هستيرية تستدعي «التعجب» وتثير «الاندهاش»!!
في كل البلدان قامات ولكل زمن مقامات مما يستوجب النزاهة في العرض والأمانة في المعروض وكي يكون هنالك نجاح لا بد من اختيار المحاورين أصحاب الخبرات ووطننا ممتلئ بالكفاءات التي كانت تجري حوارات مع رؤساء دول ومع وزراء ومع قيادات.. ومن جهة أخرى لماذا تتم استضافة «الشيخ» الفلاني و»المشهور» العلاني في حوارات بعيدة عن المهنية والمنطقية؟!.. على المسؤولين عن تلك الحوارات أن يستضيفوا شخصيات لها قيمتها وفق «المكانة» و»التمكين» و»التمكن» كانوا وسيظلون» قامات» معرفية أضافت للحياة المعارف والمشارف.. فالجمهور والمتلقون والمشاهدون يتطلعون ويتمنون ويأملون معرفة ما يفيد «البشرية» من البارعين والمبدعين في مجالات الطب والاعلام والهندسة والفلك والطيران والأدب وغيرها أما من يقبعون في الجوانب الهامشية والهوامش الجانبية والذين لم ينتفع بهم المجتمع ولم يستفد منهم الناس فلا حاجة لما يقولون ولا انتفاع بما يقدمون!!