عبده الأسمري
ما بين غرف العمليات وعشش الفقراء وأكشاك المحتاجين أقام صروح «السمعة» المهنية وأتم طموح «المتعة» الإيمانية..استخدم كفيه «الحانيتين» لمسح دموع «المساكين» وظلت عيناه «الدامعتان» ينبوعين ترسمان «معاني» الإنسانية وسط مرابع «المتألمين» وبين مهاجع «المكلومين»..
قاد «الجيش» الأبيض في مهمات توارت عن الأضواء فأشعلت «قناديل» الأمل في دروب «المعزولين» عن الخدمات فتلحف بالبياض الذي دثر به «الموجوعين» من زمهرير «الأمراض»..
امتطى صهوة «النفع» فاكتمل الأجر بدراً في سماء أمنياته من خلال «إنقاذ» مريض أو شفاء «مراجع» أو إسعاد حزين أو مسرة مهموم.
اتخذ سبيله في «الجبر» سبباً فظل يملأ «فراغات» الاحتياج بمتون المنافع ليبقى رفيق المهمشين وصديق المنسيين.
إنه استاذ جراحة الكلى والمسالك البولية والمناظير الدكتور خالد العتيبي أحد أبرز الأطباء والجراحين في السعودية والوطن العربي..
بوجه تسكنه علامات «الوقار» وتملؤه سمات «الاستقرار» اجتمعت فيه ومضات المشيب وإضاءات الطيب وتقاسيم هادئة مألوفة ودودة تتجلى فيها ملامح «الحنان» وتسمو وسطها مطامح «العرفان» وعينان تدمعان حين الرحمة وتلمعان حيث المهمة وشخصية خليطة من الجد والود وكاريزما تتقاطر أدباً وخلقاً وقوام يعتمر «الزي» الطبي الأبيض الذي يعكس صفاء قلبه ويوظف صفاء داخله وصوت مسجوع بالفصاحة ومشفوع بالحصافة تتوارد منه «مفردات» التداوي وانفرادات «التعافي ولهجة وطنية بيضاء في رحلات التشافي ولغة عربية عصماء وسط قاعات التدريس أفنى العتيبي عمره في خدمة المرضى وعلاج المنومين وتضميد جراح المتعبين وتنفيذ آمال ذاته وتوظيف أحلام نفسه طبيباً وأكاديمياً وجراحاً وقيادياً استأثر بالثناء في مواطن «الاختصاص» واستأنس بالدعاء في استذكار «الإخلاص».
في «الثقبة» عروس الساحل الشرقي ولد في مساء ربيعي ملأ أرجاء حارته «الهادئة» بعطر الفرح وعبير السرور.. وتربي في «أحضان» التوجيه وكبر أمام عنان «الوجاهة» الذي أطلقه له والده في ممارسة هواياته ومزاولة مهاراته..
تعلم من أبيه غنائم «المعروف» واقتبس من أمه مغانم «العطف» فنشأ بين قطبين من «العاطفة» ملآ قلبه بأصول «المعاني» وغمرآ وجدانه بفصول «التفاني».
وبين مشاعر طفولية بحب «الجيرة» وعواطف أولية بنقاء «السريرة» كبر وفي روحه جمال»الإجادة» وسط ذكريات «النجاح» وفي أعماقه امتثال «الإشادة» في شهادات «التفوق».
ركض العتيبي في أحياء مدينته جارة «اللؤلؤ» ورفيقة «الصبا» فكتب على شواطئها «خربشات» الطفولة الأولى التي تحولت الى «أمنيات» البطولة المثلى في ميادين الطب ومضامين الجراحة.
ظل العتيبي طفلاً يفضي إلى أسماع «الوجهاء» من أبناء بلدته بأحلام الصغار التي كانت «بوادر» باكرة لمشروع بشري تنبأت به مجالس الفضلاء وعقول النبلاء فأنصت الى صوت «اليقين» في داخله والذي جعله يملأ أسماع والديه بأسئلة متعاقبة مقامها «النبوغ» الباكر وقوامها «الذكاء» المبكر..
تعتقت روحه صغيراً بأناشيد «البكور» في «أهازيج» الصيادين وتشربت ذاته مواعيد «الأجور» في ابتسامات» العابرين» متخذاً من «دكاكين» العصاميين مورداً يومياً انتهل منه قصص الكفاح واقتنص من وجوه «البسطاء» تعابير المرح المختلط بتقاسيم الكدح فترسخت في فؤاده «بذور» العواطف التي نمت معاه وظل يسقيها بمواقف «التراحم» التي تعلم منها استثمار «القدرات» وجنى خلالها ثمار «الدعوات».
أكمل العتيبي تعليمه العام في بلدته وما بين مسارات «تجارة» قائمة و»هندسة» مفضلة و»طب» مأمول التحق بكلية الطب وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الملك فيصل بالدمام ثم ابتُعثت إلى أمريكا وكندا لإتمام دراسته في تخصص جراحة الكلى والمسالك البولية وانهى بكفاءة عالية التخصص الدقيق في جراحة حصوات الكلى والمناظير.
وحصل على الزمالة الملكية الكندية للجراحين عام 1995 وعاد لأرض الوطن وفي يمناه تلويحة الاقتدار وفي يسراه قبضة الانتصار وعمل فترة في مستشفى أرامكو. وأجرى العتيبي أول عملية منظار لاستئصال ورم في الكلية على مستوى الشرق الأوسط.
ثم انتقل عام 2005 ليعمل استاذا في جامعة الملك فيصل وانجز اكثر من 40 بحثًا علميًّا، نُشرت في مجلات علمية عالمية، وترقى الى منصب وكيل كلية الطب والمدير العام لمستشفى الملك فهد الجامعي بالخُبر.
ولأنه مسكون بالتطوع فقد مارس شغفه بإعانة الناس واغاثة البشر حيث انطلق في أول رحلة إلى منطقة بيشاور بباكستان 1988 ثم اتجه الى رحلات منوعة توغل فيها الى أدغال إفريقيا، وزار عدة دول إفريقية تعاني الفقر وانتشار الوجع وأجرى مئات العمليات هناك في جراحة المسالك البولية وأيضا عمليات التشوهات الخلقية لدى الأطفال
وشارك العتيبي بفاعلية في برنامج الطبيب الزائر لوزارة الصحة. وزار عدة قرى وهجر في المملكة في حائل وعسير وبيشة وغيرها وقام بإجراء عمليات دقيقة.
حصل العتيبي على جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية، وحصد جائزة الامتياز في مجال الإغاثة وخدمة المجتمع عام 2019م الصادرة من الهيئة العالمية لتبادل المعرفة GKAF في نيويورك وتم تكريمه في المؤتمر الخامس للريادة والابتكار والتميز في إمارة رأس الخيمة بدولة الإمارات وتم تتويجه في عدة محافل نظير عطاءاته السخية في الحرفة والمعرفة.
منح العتيبي البسطاء والفقراء وقته واهداهم همته وأغدق عليهم بعلمه وعاش بينهم يحتضن أطفالهم كأب قبل العملية وطبيب أثناءها ومحتفل بعدها..وعاش وسط الظلام في مناطق سحيقة في إفريقيا ليرضي «غرور» الإنسان في داخله وليتمم «سرور» المحسن في أعماقه..
خالد العتيبي.. الطبيب اللبيب.. المسكون بهموم المرضى والمفتون بغوث المتألمين صاحب الإضاءات المبهجة في عوالم «التطوع» الإنساني والإمضاءات المفرحة في معالم «الإبداع» المهني.