عطية محمد عطية عقيلان
يزيد الإقبال في شهر رمضان الكريم على نمط غذائي يمتاز به عن باقي السنة، ويكون من المكونات الرئيسية سواء الإفطار أو السحور، منها طبق الفول والذي تشهد محلاته طوابير طويلة للحصول عليه، بل هناك من يتعود على محل معين يحضر منه، كذلك هناك دورة برامجية تحرص المحطات التلفزيونية على وجودها على الشاشة أو المنصات، منها وجود مسلسل كوميدي خفيف ودراما محلية وعربية، وتتسابق هذه المحطات على التعاقد مع الأبطال لتلقي اهتمام وجذب المشاهد، علما أن جل هذه المسلسلات أو البرامج تقدم مادة ترفيهية بحتة دون اهتمام بمحتوى مفيد ويكون له نتيجة إيجابية، سواء تحفيز على العمل والاجتهاد والوطنية، بعرض إنجازات أوطانهم أو ما يدعو للفخر في وجوده في بلدهم، بل على العكس تماماً يتم تناول القصص الشاذة والحكايات المحبطة وكأنها واقع غالب المجتمع، والملاحظ بشكل عام أن جل الأبطال الكبار، توقف بهم الزمن سواء في العمر أو الأفكار، بل يجترون أي نجاح أو جذب سابق ويكررونه بطريقة سامجة، لا تتناسب مع أعمارهم أو التطور الحاصل في المجتمع، ولا أدري سبب التوجه الدرامي على مختلف مستوياته بالنبش عن وقائع شاذة وتضخيمها وعرضها، وإغفال مواضيع لا متناهية عن جودة الحياة والتغيرات الإيجابية والمواقع السياحية في بلدانهم.
وعند الانتقال إلى المسلسلات والفقرات الكوميدية نجد «التهريج» يتجلى في الحوارات وسط نصوص ونكات ركيكة تستخدم «التفاهة» في الكلمات والحركات، من أجل تقديم ماده مضحكة ليس لها هدف سوى الاستهبال والاستعراض، بل ما يقهر أن جلهم في لقاءاتهم يعتقدون أنهم مطورون للمجتمع بطرحهم وآرائهم وكأنهم امتداد لابن خلدون أو ابن رشد، مع ملاحظة اهتمام كبير بالتطور في استخدام الإضاءة وأحدث الكاميرات والتكنولوجيا في المونتاج، مع ضعف الاهتمام بالحبكة أو السيناريو، مع وجود نماذج ما زالت تعطي أملاً في إمكانية إنتاج أعمال تكون إضافة ومحفزة للمشاهد ويكون المنتج شخصا يفخر بما يوجد في بلده، فنحن بحاجة إلى مثل الإنتاجات التي تركز على الجوانب الإيجابية الملهمة في العطاء والتحدي وعرضها لتكون نموذجا محفزا، ولاسيما حين تكون مؤثرة على جيل الشاب ولا نريد تكرير ماسخ للمواضيع والشخصيات والتركيز على عروض الدرباوية والشاذ في المجتمع.
الخلاصة إن جرة الفول أثبتت حفاظها على هويتها وموقعها في مائدة رمضان المبارك، بل تحرص على ثبات جودتها وطعمها دون تغير أو تبدل أو تلون أو غش، وما زال الفول محافظاً على جوهره وطعمه والتغيير والتطوير يناله من ناحية الشكل بالاهتمام بالمواد المستخدمة في تعبئته لتكون صحية بدل أكياس البلاستيك، وهي دعوة لصناع الدراما والإنتاج التلفزيوني والمحتوى من الاستفادة من تجربة «جرة الفول» بالتركيز على جودة الجوهر والمحتوى وتجميل المنظر دون إخلال بالجودة، ولاسيما أن الدراما عليها واجب خدمة المجتمع ورفع الانتماء والوطنية والتحفيز على العمل والإنتاجية والترفيه بشكل متوازن، وضخامة الإنتاج وارتفاع الميزانية يجب أن يكون للمحتوى وانتقاء المواضيع نصيب فيه، حتى لا تتحول المسلسلات والبرامج إلى عروض استعراضية لملابس ومكياج النجوم وضخامة البيوت وديكوراتها، ومجرد تضييع وقت دون هدف أو مضمون، وبالتالي يكون «لجرة الفول» الحق بأنها أكثر فائدة منهم.