الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
دعت دراسة علمية الجهات المعنية بالقطاع غير الربحي ممثلة بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية أو الهيئة العامة للأوقاف أو مجلس الجمعيات الأهلية بإصدار دليل بالمفاهيم الحديثة والممارسات الحديثة في القطاع؛ ليتم اعتماد مفهوم وطني للاستثمار الاجتماعي، والمفاهيم ذات العلاقة، وتوضيح هذه المفاهيم وأساليبها ونماذج تطبيقها؛ مستلهمة من الأدبيات الأجنبية وأحدث الممارسات العالمية في هذا المجال؛ واعتمادها بشكل رسمي في كل المنظمات في القطاع.
وأظهرت نتائج الدراسة البحثية المعنونة بـ»الاستثمار الاجتماعي في القطاع غير الربحي» للباحثة الدكتورة أماني بنت زهير الشهري، أظهرت غموضًا وعدم وضوح وتباينًا في المفاهيم المرتبطة بالدراسة وهي الاستثمار الاجتماعي والأثر وأصحاب المصلحة، ومن المرجح أن توفير لغة مشتركة بين كل منتسبي القطاع غير الربحي من مؤسسات وقفية أو جمعيات أهلية وغيرها من المنظمات سوف يساعد على فهم الأطراف المعنية كافة بالمشروعات لطبيعة الممارسة المطلوبة فيها وآلية تنفيذها بحيث تتوفر فيها كل عناصر الاستثمار الاجتماعي.
وكشفت الدراسة إلى أن ضعف المتابعة على الجهات المنفذة أدى إلى ظهور عجز في الاستدامة المالية لمشروعات الاستثمار الاجتماعي التي تعتمد على أسلوب القروض متناهية الصغر ورسوم الاشتراكات؛ مما أدى إلى بحثها عن سبل أخرى لتحقيق استدامتها، موصية الباحثة بوضع أنظمة متابعة صارمة من قبل المؤسسات الوقفية على تنفيذ الجهات المنفذ بما يضمن التزام المستفيدين بدفع المستحقات المالية؛ وذلك لرفع ثقافة التمكين والعمل في المجتمعات المختلفة والالتزام والمسؤولية من قبل المستفيدين بالسداد بما يحقق الاستدامة المالية لمشروعات الاستثمار الاجتماعي ويضمن استدامتها.
وأوضحت نتائج الدراسة عن بروز بعض الممارسات المتميزة في المتابعة على المشروعات التي كان لها أثر إيجابي على تنفيذ المشروع، ومنها تأسيس مجلس إشرافي للمتابعة مكون من الجهتين المؤسسة الوقفية والجهة المنفذة للمشروعات في المشروعات الكبيرة، حيث يمتلك هذا المجلس أدوات ومنهجيات متابعة عالية الدقة، ويمتلك الصلاحيات لاتخاذ قرارات مباشرة بما لا يعرقل سير المشروع أو يؤخره؛ مطالبة الباحثة بتعميم وإبراز هذه الممارسة الإيجابية وطرحها في الملتقيات والمؤتمرات وفي المواقع الإلكترونية للمؤسسات بما يسهم في الإثراء المعرفي والتعرف على أبرز الممارسات المهنية ذات الأثر الإيجابي على المشروعات في القطاع غير الربحي.
وتوصلت الدراسة إلى أن هناك ابتكاراً اجتماعياً وطلباً مجتمعياً متوسطاً، بينما ظهر ضعف في إشراك أصحاب المصلحة في مشروعات الاستثمار الاجتماعي، كما تبين أن هناك عزوفاً عن قياس الأثر والاكتفاء بالأثر المشاهد وعدم الوعي بأهمية قياسه؛ مؤكدة الباحثة في توصياتها على أهمية إنشاء أنظمة منح خاصة بمشروعات الاستثمار الاجتماعي في المواقع الإلكترونية للمؤسسات الوقفية بحيث تتضمن شروط المنح ومعايير المفاضلة بين الجهات المنفذة، وتكون مختلفة عن نماذج منح المشروعات الأخرى، وذلك بأن تحتوي شروط المنح كل العناصر المتطلب توفرها في مشروعات الاستثمار الاجتماعي والمتعلقة بإحداث أثر اجتماعي، والتخطيط له وقياس هذا الأثر ومعايير الاستدامة الاجتماعية من ابتكار اجتماعي وإشراك لأصحاب المصلحة، وذلك للعمل على تحقيق مشروعات استثمار اجتماعي مستدامة اجتماعياً ومالياً وقادرة على إحداث أثر في حياة المستفيدين منها وفي المجتمع.
وبينت الدراسة عن وجود ضعف في الكوادر البشرية في الجهات المنفذة من حيث القدرة على تنفيذ مشروعات الاستثمار الاجتماعي، كما تبين أن هناك ضعفاً في قياس الأثر، بل وعزوفًا عنه يرجع لقلة المعرفة بآليات القياس، مما جعل الباحثة توصي بأن يحظى العاملون في القطاع غير ربحي في المناطق الطرفية باهتمام خاص من قبل الجهات المعنية بالقطاع غير الربحي ممثلة بوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية من حيث تطويرهم وتأهيليهم بالمهارات والمعارف اللازمة وفق ما يتطلبه العمل في القطاع غير الربحي بشكل عام، كذلك تطوير الكوادر البشرية بشكل عام في قياس الأثر بدورات تدريبية وورش عمل متعلقة بالمنهجيات المستخدمة في قياس الأثر وآلية تصميمها بما يتناسب مع المشروعات وطبيعة الفئة المستهدفة والأدوات التي يمكن أن تستخدم لهذا الغرض وإكسابهم المهارات اللازمة لذلك، كما اتضح أن هناك تحدياً متعلقاً بالأنظمة والقوانين ذات العلاقة مما يجعل رجال الأعمال أو الجمعيات الأهلية تتجنب الاستثمار الاجتماعي، مطالبة الباحثة بتهيئة البيئة التشريعية، وذلك بتحديث الأنظمة ذات العلاقة ووضع استثناءات فيها للمؤسسات في القطاع غير الربحي بما يسهم في تحفيز المؤسسات ورجال الأعمال؛ لإحداث أثر في المجتمع يسهم في رفع مستوى إسهام القطاع غير الربحي في التنمية الاجتماعية.
وأظهرت الدراسة إلى أن هناك شحاً في المعرفة المتعلقة بالاستثمار الاجتماعي في الأدبيات العربية، مما يوجب مواكبة الجامعات للمعارف الحديثة سواء في مناهجها الدراسية أو في إنتاجها العلمي بحيث يواكب ما يتطلبه الميدان.