خالد بن حمد المالك
ما هو آتٍ في المستقبل لليمن سيكون -إن شاء الله- بحجم القرارات المهمة التي توصل إليها اليمنيون في الرياض من خلال مشاوراتهم، وما هو آت لليمن لن يكون بأقل من هذا التوجه الجميل، الذي قاده المجتمعون للتوصل إلى صيغة جديدة لقيادتهم، أبرز ما فيها أنها قيادة جماعية برئيس للمجلس تم الاتفاق عليه.
* *
وما يميز القرارات التشاورية أنها اتسمت بروح من الرغبة الصادقة، والتسامي عن أي خلافات تعيق أمن واستقرار اليمن، وتتوجه به إلى حيث يكون المستقبل مزدهراً في بناء اليمن، والتخلص من كل التحديات، والمعوقات، والحروب الدامية التي أنهكت الشعب اليمني الشقيق، ولم يحصد منها غير الدمار والدماء، وضياع سنوات دون أن تكون هناك لمسة في تطوره واستقراره.
* *
جاءت القرارات بالتوافق، سلسة، بهدوء، وتقبلها الجميع، فتخلى الرئيس عن صلاحياته، وأناط بها مجلس رئاسة له قيادته ومسؤولياته العسكرية والسياسية والأمنية، وبذلك يكون اليمن أمام صفحة جديدة لإدارة شؤون الدولة، تضم كفاءات وقدرات وخبرات قادرة على حماية اليمن من مختطفيه، والنأي به عن أي صراعات وحروب لا تخدم اليمن.
* *
ما توصل له اليمنيون لم يفرح به اليمنيون فقط، وإنما كان مصدر سعادة لكل إخوانهم من عرب وخليجيين، بل إن الجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، والمنظمات الأخرى الإقليمية والدولية، ودول العالم تسابقت في تثمين هذا الإنجاز، وتأييده، والتأكيد على تنفيذه، كي يخرُج اليمن من الحالة المأساوية التي تطوقه.
* *
سيكون اليمن إذن أمام وضع جديد، بقادة ووزراء ومسؤولين جدد، ليكونوا معاً، بقلب واحد، ويد واحدة، قادرون على معالجة أوضاع بلدهم، والسير به نحو ما يكرّس أمنه واستقراره واستقلاله، بعيداً عن التدخلات الأجنبية، وعن أي تصرف أو سلوك أو محاولات لزرع الفتنة بين مواطنيه، أو مع أشقائه وجيرانه.
* *
يستحق شعب اليمن مثل هذه القرارات المهمة، مثل هذا الموقف الواحد، فقد عانى كثيراً، وتعذّب على مدى سنوات، وغابت عنه كل فرص لتحديث وتطوير بلاده، وانشغل -وهو لا يستحق- بالحروب والصراعات، ما أثر على تراجع اليمن تعليمياً وصحياً وتنموياً واقتصادياً، منشغلاً بحروب لا مصلحة له فيها، وبصراعات يديرها الأعداء، مستغلين عناصر يمنية غاب عنهم أن تآمرهم على اليمن جعلهم قبل غيرهم وقوداً لهذه الحرب، وأول ما تكون نتائجها مقابر لهم.
* *
الآن، وبعد كل هذه القرارات المهمة، سيكون اليمنيون على المحك، فالعبرة في التنفيذ، وبعدهم عن كل ما يلحق الضرر بهذه القرارات من تصرفات، فهذه آخر فرصة لليمنيين لكي ينعموا كما غيرهم بالأمن والاستقرار، وإيقاف نزيف الحرب، واستثمار استعداد دول الخليج لدعمهم، وإصلاح ما أفسدته الحرب، وصولاً إلى بناء دولة حضارية، يسودها العيش المشترك بين مكونات البلاد، دون إقصاء أي طرف من المشاركة في مسؤوليات الدولة، وفي المقابل دون السماح لأي مكون بأن يستحوذ وحيداً على هذه المسؤوليات.