تربينا في بيوتنا ومدارسنا على بيت من الشعر قاله أمير الشعراء أحمد شوقي -رحمه الله- جاء فيه (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا) واستكمله بـ (صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوم النفس بالأخلاق تستقم). وكان للبيتين دلالاتهما وإيحاءاتهما المستمدة من تعاليم ديننا الحنيف والعادات التي عرفت بها المجتمعات الإسلامية والعربية بما فيها المجتمع الكويتي، خاطب العلي القدير آخر المرسلين سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- بـ{إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ليدلل على البعد الأخلاقي في سلوك رسله وعباده، وحثَّ رسول الله في أحاديثه الشريفة على الأخلاق الحميدة حيث جاء في أحدها (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، ليظهر الخلق باعتباره جزءًا جوهريًا من الرسالة السماوية مرضاة لخالقهم وعملاً بسنة رسولهم. حرص الكويتيون منذ القدم على تربية أبنائهم على خلق دينهم الحنيف ووفق عادات وتقاليد مستوحاة من التعاليم السماوية السمحة التي جاءت لتهذيب النفوس، زرعوا في نفوس أبنائهم القيم الإسلامية لتتراكم العادات والتقاليد المستوحاة من الفرض والسنة وتشكل مسارات الحياة اليومية في المجتمع الكويتي الذي كان على الدوام مثالاً للتسامح وعمل الخير، كان التمسك بالقيم الدينية أساسًا للعادات والتقاليد عاملاً للنمو والتطور والاستقرار والتماسك الاجتماعي الذي عُرف به الكويتيون على مدى الأزمنة ولا سيما أنه كان يحكم تفكير وسلوك الفرد، لم يكن ترسيخ الخلق عملية أحادية الجانب بقدر ما هو عملية تبادلية، ففي الوقت الذي تتم التنشئة على أسس محددة يتحمل الفرد مسؤولية تجاه سلوكه الذي يعبِّر عن انسجامه مع دينه وتقاليد مجتمعه سواء بإيعاز من الضمير أو خشية الخروج عن منظومة القيم التي تربى عليها وغرست في نفسه. لعب وازع الأخلاق الدور الأكبر في العلاقات بين أفراد المجتمع الواحد، وكما يحدث في كل المجتمعات تعرض الخارج عن سلوكيات المجتمع للنبذ الاجتماعي بناء على ذلك حرص الكويتي على ممارسة ما يحافظ على صورته ويقربه من خالقه ويبقيه منسجمًا مع منظومته القيمية، فهو الساعي لمحاسبة النفس وإصلاحها عندما تشذ عن القاعدة ليكون النموذج. وجب علينا ونحن في شهر رمضان الفضيل التقرب إلى الله بالعبادة وترسيخ قيم وممارسات المودة بين الجميع واستغلال أوقات الفراغ في ممارسة الرياضة وضبط النفس، بما أن العملية تبادلية وفي ظل توفر أساس التنشئة يبقى على الفرداجب البدء بالنفس ليكون باعثًا للطاقة الإيجابية ثم البيت والأسرة لتكون هذه الوحدات عاملاً لنشر معاني الأخلاق الفاضلة، ولوسائل الإعلام والدراما التي تمتلك قدرة التأثير دورها أيضًا، في التركيز على القضايا الأخلاقية ليكون الشهر الفضيل فرصة لمحاسبة الذات وتطهيرها مما علق بها من الشوائب واستثمار مواطن القوة فينا.
** **
- بقلم/ فيصل الحمود المالك الصباح