حاورها - ماجد البريكان:
تؤمن سلطانة العمري أول سفيرة للسعادة في المملكة بأن للسعادة دوراً كبيراً في تحسين بيئة الأعمال، ورفع الإنتاجية، ومنع التسرب الوظيفي، وزيادة الدخل والرضا الوظيفي، ومن هنا، فهي على الدوام تدعو إلى القيام بمبادرات تجعل الموظف أكثر سعادة في بيئة العمل.
وبتفاؤل كبير، كشفت العمري لـ»الجزيرة» عن جهود حثيثة في المملكة، لترسيخ مبادئ السعادة في بيئات العمل السعودية، وقدمت دعوتها إلى جميع المؤسسات بالاهتمام برفع مستوى السعادة في شتى المجالات، والحرص على زيادة نشر هذه الثقافة بين أفراد المجتمع لمزيد من الإنتاج والتميز، مشيرة إلى أن الموظف نفسه تقع عليه مهمة صنع السعادة لنفسه، وإيجاد الإحساس الداخلي الذي يجعله أكثر سعادة في بيئة العمل، شريطة أن يكون معطاءً للآخرين.
ولم تنس العمري دور الدخل الجيد والمكافآت العينية والمادية في تعزيز السعادة والرضا في نفس الموظفين، ولكنها عادت وأكدت أن هناك حزمة مطالب تعزز هذه السعادة بشكل جيد ومستدام، من بينها إنشاء إدارات متخصصة للسعادة في بيئات العمل لتحقيق التوازن النفسي المطلوب للموظفين وبالتالي تخطي التحديات الحياتية بروح التفاؤل.. وهنا نص الحوار معها..
* دعنا نبدأ الحوار بالحديث عن أبرز المواصفات التي يتصف بها الفرد «السعيد»؟
نعلم جميعاً أن السعادة تزيد، وتنخفض أيضاً، تماماً كأي شيء في الحياة قابل للزيادة والنقصان، ولا بد لنا من التركيز والانتباه إلى ما يزيد من سعادتنا وما يُنقِص منها، فالشخص السعيد معطاء، لأن كثيراً من الأشخاص السعداء معطاءون، ويعرف الشخص ذاته جيداً، وكيف يريد أن يصل إلى أهدافه وطموحاته، وهو ممارس جيد للإيجابية ونشر السعادة، ويعلم كيف يطبع على وجهه ابتسامة رائعة عليه وعلى الآخرين، ويمكن تلخيص مواصفات الشخص بأنه من اتخذ السعادة رحلة وليست محطة.
زيادة الإنتاجية
* هل ترى أن القطاعات العامة والخاصة تعي أهمية السعادة للموظف؟
أستطيع التأكيد على أن القطاعات العامة والخاصة بدأت تهتم بجانب السعادة في بيئة العمل، وأصبح التنافس في هذا المجال ملموساً بعد رؤية المملكة 2030، وأصبحت تقدم كل ما يخدم ويساعد الموظف على أن يكون سعيداً لما لها من عائد كبير على القطاع في زيادة الإنتاجية والدخل.
* هذا يدعونا إلى السؤال عن الإجراءات التي تطبق لتعزيز سعادة الموظف؟
هناك عدة أساسيات لا بد منها، منها زرع قيم ومبادئ للقطاع منذ لحظة دخول الموظف، والاهتمام بهذا الموظف من ناحية تطبيق نظام التدريب والتطوير والمحافظة على الاتزان الوظيفي بين حياة العمل والحياة الشخصية، وتطبيق نظام الأجور والمكافآت، وتقدير الأداء المتميز، وتقديم خطة وبرامج مستدامة موازية لخطط واستراتيجيات القطاع.
حاجات الإنسان
* هل القصد أن سعادة الموظف تكمن في المميزات الوظيفة أم أن هناك طرقاً أخرى؟
هي تكمن في تقديم كل ما يحقق تقدير الذات، وهذا يندرج ضمن نظرية التحفيز في بيئة العمل، وهو هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية، الذي لخّص حاجات الإنسان والدوافع التي تحركه، وهذا الهرم يتألف من 5 طبقات (احتياجات)، الطبقة الأولى تمثل حاجات الإنسان الفسيولوجية، مثل التنفس والمأكل والمشرب والنوم وغيرها، والطبقة الثانية تضم حاجات الأمان، مثل حاجته للأمن والصحة والاستقرار العائلي والمجتمعي والأمن الوظيفي، والطبقة الثالثة تمثل حاجاته الاجتماعية، مثل الصداقة والعلاقات مع الآخرين، والطبقة الرابعة تمثل حاجته إلى التقدير، مثل الثقة في النفس والاحترام من قبل الآخرين، وتقدير الذات ونحوها، أما الطبقة الأخيرة فهي تمثل حاجاته إلى تحقيق الذات، مثل الابتكار وحل المشاكل وغيرها.
* دعنا نسألك من وجهة نظرك.. سعادة «الموظفين» مسؤولية من؟
سعادة الموظف تكمن في أنه جزء من دائرة السعادة في بيئة العمل، وهو جزء من بيئة عمل سعيدة وناجحة، وأنه عندما يقرر أن يكون سعيداً وظيفياً، يتحقق أهدافه الشخصية بالقدرة على التطور والإبداع.
الأجواء السلبية
* الأجواء السلبية مسبب رئيس لعدم سعادة الموظف.. هل تتفق مع هذا القول أم أن هناك أموراً أخرى؟
الأجواء السلبية هي جزء منها، لكن ليس كلها، وهي تكمن في عدة أمور معينة، أهمها الموظف نفسه الذي ينبغي أن يقوم بتحفيز نفسه، بالشعور بالإحساس الجيد، وإرسال رسائل إيجابية له يومياً، ومعرفة ما هي أهدافه العملية، وما يريد أن يقدمه وصنعه لنفسه، فهذه المعرفة في حد ذاتها تزيد من ثقته في نفسه ويعمل على تطويرها، وتقديم كل ما هو جيد له.
* إلى أي مدى يكون الأجر الجيد والتحفيز بالمكافآت تنعكس على سعادة الموظف؟
نظام الأجور والمكافآت عامل مهم جداً، لتعزيز سعادة الموظف، فهو يساعد على الارتباط والولاء الوظيفي، فيكون هناك نظام مستدام من ناحية الأجور، وأيضا المكافآت، سواء مكافآت معنوية أو عينية، وهي لها فائدة كبيرة، تعود على الذات وتقديرها.
قياس السعادة
* هل تحدثنا عن الأدوات المستخدمة في قياس نسبة سعادة لدى الموظفين في القطاعات العامة والخاصة؟
هناك عدة برامج تحقق هذا الجانب، لكن أهمها عمل استبيان سنوي أو نصف سنوي، لأخذ آراء الموظفين، ويكون في عدة جوانب، مثل بيئة العمل وبرامج التدريب والتطوير، وجانب القيم وعدة أمور أخرى يقاس عليها نسبة سنوية، ومن بعدها العمل على خطة معينة للوقوف على جوانب التقدم وجوانب التطوير.
* عطفاً على حديثكم.. دعنا نسألك عن أكبر عائق للسعادة؟
النفس والذات البشرية هما بمثابة تحد كبير يقف في طريق أي شخص لتعزيز إحساس السعادة لديه، فعندما يقدم الإنسان على اتخاذ القرارات، هو هنا يبدأ رحلته صوب السعادة أو العكس، بحسب سلامة القرارات التي يتخذها وتأثيرها عليه وعلى حياته ومستقبله.
ارتباط وظيفي
* ما النصائح التي توجهينها لإيجاد السعادة ومعها الابتسامة على وجوه الموظفين؟
أنصح أن يكون هناك جدول زمني وبرنامج شامل لكل البرامج المقدمة من زيادة ولاء الموظف إلى الجهة التي يعمل فيها، فكلما نجح في الخطط والبرامج التي يضعها الإنسان لنفسه، كان هناك ارتباط وظيفي تجلب له السعادة، ورأينا الابتسامة مرسومة على وجهه.
* ما الجهة المسؤولة عن رضا الموظفين لجعلهم سعداء؟
الجهات متعددة، تبدأ من الادارة العليا التي عليها أن تدعم البرامج المقدمة لخطة سعادة الموظفين، وعملياً يكون هناك قسم قادر على تطبيق البرامج المستدامة، مثل قسم السعادة، والارتباط الوظيفي أو قسم التواصل الداخلي.
فريق السعادة
* كم نسبة تطبيق إدارات السعادة في المنشآت للقطاعين العام والخاص؟
حتى الآن، لا توجد دراسة توضح لنا مدى آلية عمل هذه الإدارات، لكن وصل الآن صداها في كل مكان، ورأيت العديد من القطاعات بدأت بالفعل في تقديم الخدمة، وسميت هذه الإدارات بـ»إدارة السعادة» أو «فريق السعادة»، وقمت بدوري بدعم فكرة تطبيقها، بتقديم التعاون في تحقيق رفع عدد أقسام السعادة تعزيز أدواتها وخبراتها في القيام بمهامها الوظيفية.