الجزيرة - كتب:
تحط الزاوية رحالها اليوم في ميدان أديب مجدد، صاحب قلمٍ سيال وجريء، هو عبدالكريم الجهيمان -رحمه الله-، حيث نجدف في كتابه: أحاديث.. وأحداث، الذي يتضمن كلمات نشرت في صحف متعددة وأوقات مختلفة، ومواضيع شتى، وعمر هذه النسخة التي بين أيدينا اليوم يتجاوز عمرها ثلاثة عقود، وقد توجه بإهداء غير تقليدي يقول فيه: «إلى مجتمعي الذي يختلط فيه: الخطأ بالصواب، والمعتدل بالمائل، والقشور باللباب، أهدي هذا الكتاب..».
وقد حمل الجهيمان هم المجتمع، فكان كثيرًا ما يناقش قضاياه، ويدافع عن متطلباته، ويكافح همومه، ليطرح جوانب مهمة في صراعه مع الحياة، يقول رحمه الله: «هل تستحق الحياة كل هذا الصراع المرير.. ولا سيما لمن لديه ما يقوم بحاجاته.. هل تستحق الحياة أن تلتهب أعصابنا بعداوات وأحقاد قد لا يكون لها أي مبرر.. هل تستحق هذه الحياة كل هذا..
ولقد أعجبتني قصة سمعتها من تاجر من تجار القصيم.. الذي سافر إلى الهند.. واشترى منها بضائع كثيرة وجاء بها يحملها إلى بلاده.. على عدة جمال.. وكان معه مرافق من البادية مسلح.. وسارت القافلة بأحمالها .. وعندما قربت القافلة من بلاد القصيم اعترض طريقها جماعة من اللصوص وطلبت هذه العصابة أن تستسلم القافلة وأهلها بلا قيد ولا شرط..
ولكن المرافق البدوي رفض هذا الطلب بكل عزة وإباء.. وملأ بندقيته بالرصاص.. وقال للصوص إننا لن نعطيكم من هذه القافلة ولا شربة ماء واستعد هذا البدوي للحرب.. وتحصن في مخبأ من طلقاتهم ..
تفاوض ولكن التاجر صاحب البضاعة عندما رأى الأمور قد تأزمت إلى هذا الحد.. قال لمرافقه البدوي دعني معهم ليتركوا لي راحلتي الخاصة التي عليها متاعي وليأخذوا الباقي.. فمانع البدوي وقال لن نسمح لهم بأخذ عقال جمل.. ولكن التاجر ألح وبالغ في الإلحاح.. لأنه رأى بوادر الشر».
نتاج ثري لشخصية أثرت الحركة الثقافية والأدبية لعقود، فهل تلتفت هيئة الأدب والنشر والترجمة إلى هذا النتاج فتعيد طباعته مرة أخرى؟
هذا ما يتمناه الوسط الثقافي والفكري، والهيئة جديرة بهذه الخطوات البناءة.