إيمان حمود الشمري
جرفتني ملاحقة فعاليات المؤتمر العالمي لريادة الأعمال في اليوم الخامس لحضوره في موقع مختلف وفي بيئة مختلفة إلى واحة أو محافظة العلا، التي قبل أن يجتمع فيها رواد الأعمال، اجتمعت فيها الحضارات وتركت بصمات من التاريخ والنقوش والكتابات.
جمع المؤتمر أهم رياديي الأعمال على مستوى العالم للبحث عن الفرص الاستثمارية في المملكة بشكل عام وفي محافظة العلا بشكل خاص، وصرح الرئيس التنفيذي للهيئة الملكية للعلا المهندس/ عمرو مدني بأن رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن يجعل من العلا متحفاً مفتوحاً للزوار، وأن السياحة ستكون هي أحد أهم مصادر النمو في الاقتصاد السعودي وأن 70 % من دخل مدينة العلا سيكون مصدره السياحة و15 % من الزراعة و15 % من صناعة الأفلام.
انتهى المؤتمر ولكن جولتنا في العلا لم تنته، حيث زار أشهر رجال الأعمال في العالم مدينة العلا وتجولوا بين معالمها التاريخية، العلا التي تعكس معنى اسمها من حيث العلو والارتفاع كانت موقعاً استراتيجياً للتجارة بين جنوب شبه الجزيرة العربية ومصر والعراق وبلاد الشام، وموطن حضارة الدادان التي كانت تسمى العلا على اسمها قبل الميلاد.
قادنا خلال جولتنا مرشد سياحي في عدة مواقع تاريخية أثرية تحوي أضرحة لها واجهات صخرية منحوتة، باستخدام مفردات مشتقة من اللغة العربية، ورموز معقدة متشابكة الأحرف شغلت علماء وخريجي علم الآثار لفك ألغازها وتحويلها من طلاسم إلى معلومات تكشف سر تلك الأرض، كما تحوي واجهات أضرحتها عدداً كبيراً من الحيات والنسور وكائنات أخرى لها تفسيرات ودلالات، إذ ذكر لنا المرشد أن رمز النسر على الضريح له تفسير ومعتقد أنه حارس الضريح، كما أن الدرج الذي في أعلى الضريح هو اعتقاد ديني بصعود الروح وأنها ستكون أقرب للسماء.
ومن المواقع الأثرية إلى جولة في مدينة العلا وزيارة أرقى المطاعم الأجنبية فيها وسط أجواء يملؤها البهجة والود بالإضافة إلى النقاشات والأحلام المستقبلية التي تطرح على طاولات الطعام كأفكار تبشر بعقد الشراكات الاستثمارية.
لوهلة من فرط الإعجاب بتلك المدينة الساحرة تشعر أنك خارج المملكة العربية السعودية، حيث جبالها العالية وتعرجاتها الصخرية التي تجعلك تتأمل جمال الطبيعة فيها وهدوءها الذي يجعلها منطقة راحة واسترخاء واستجمام.
ولأن التاريخ لابد وأن يعيد نفسه ستبقى العلا مركزاً استثمارياً جاذباً، وفي كل مرة تزورها سوف تختلف عليك بنموها وتطورها المتسارع.
لم تكن العلا هي تلك المدينة التي زرتها في عام 2019 ، حيث كانت زيارتي هذه تحمل نكهة الزيارة الأولى، كل شيء كان مبهراً واستثنائياً فيها ويدل على أن رجالاً يقفون خلفها ويقودون مسيرتها التنموية على رأسهم الأمير بدر الفرحان محافظ الهيئة الملكية للعلا، ومما لا شك فيه بأن العلا سوف تكون موعودة بفرص استثمارية من قبل رواد الأعمال، بقيادة رئيسها الذي استشعر الأمانة الموكلة له فأصبحت العلا شغله الشاغل، تجده يتحدث عنها بحماس وشغف وكأنه يتحدث عن أحد أبنائه.. وكل الشكر للرئيس المهندس التنفيذي عمرو مدني وفريق عمله الجبار.