سهوب بغدادي
تلك الصفعة المدوِّية التي شغلت العالم لأيام، واعتلت الترند والوسوم، بغض النظر عن كونها مدبرة مسبقًا أم لا، فليس بالفارق الكبير، باعتبار أن ويل سميث قد طرح سيرته الذاتية في كتاب قبل حفل الأوسكار، فمن خلال الاطلاع على بداية الكتاب الذي قسّمه إلى فصول عن طفولته وفترة المراهقة وسن الرشد، وزيجاته وطلاقه الأول، مرورًا بملامح تربيته التي اتسمت بالعنف في مجملها من قبل والده، حيث تعرَّضت والدته للضرب المبرح على أيدي والده ذات يوم، لذا وقف عاجزًا أمام المشهد ولم يقم بشيء سوى أنه قرَّر أن يتفادى دفع والده للغضب عن طريق إرضائه واسترضائه عن طريق خفة الدم، إذ يتسم ويل سميث الكوميدي بسرعة البديهة والإيجابية، بل إن كل من عمل معه في كواليس الأفلام يثنون على اهتمامه بمشاعرهم، فكانت الصفعة تمردًا على الواقع والماضي الذي عاشه «ويل» ليخرج بعدها بدقائق باكيًا على ما فعل، فللمرة الأولى لا يقف عاجزًا عن رد الإساءة عن المرأة التي يحب في حياته الراهنة، فقديماً أمه التي أساء لها والده لحد الإغماء، والحاضر المتمثِّل في زوجته «جادا» عند تهكم الممثِّل الكوميدي كريس روك على رأسها الأقرع جراء مرض، فكانت التراكمات القديمة دافعًا للتمرد على الحاضر الأفضل، لقد أصر ويل سميث ألا يعيش حياة الفقر مجددًا، وألا يعيش شتات الأسرة التي عاشها خلال طلاق والدته الأول، وأمور كثيرة، الشاهد في الموضوع، أن البيئة التي ترعرع فيها الشخص -وإن كان ناجحًا- تؤثِّر في جملة الانفعالات التي تصدر منه في مواطن الضغط، وقد تصدر عنه الاندفاعات في مواطن الرخاء أيضًا، لذا التربية ليست بالأمر الهيِّن ويقع على عاتق المربي أمانة سلامة الحواس والنفس والاهتمام قبل ضمان توفير الغذاء وذلك ما يغفل عنه الأغلبية، فلقد قالها العديد من الأشخاص في المجالس والاجتماعات على سبيل الإقرار أو المزاح المبطن بالألم الدفين،»انضربنا وما صار لنا شيء» نعم، لقد كبرت، ولكن هل ازدهرت؟ وهل تشعر بالأمان في كل سكناتك وحركاتك وتحركاتك تجاه الغير ومع ذاتك؟ أكاد أجزم أن لكل قائل لهذه المقولة عقدة دفينة أو ظاهرة سواء اعترف بها وعرفها أو جهلها وتجاهلها، كما تتجلَّى أهمية احترام الأب للأم والعكس صحيح، لكيلا تهتز أولى الصور التي تمثِّل المرأة والرجل وأدوارهما في حياة الطفل والتي تنبثق منها تعاملاته المستقبلية، قد يكون عامل الخوف الذي يواجهه الطفل أحد أسباب تجنبه الفشلمحاولة إبهار الوالدين، إلا أنه عند وصوله للنجاح والغنى والعالمية لن يطمئن لأن الخوف أصبح جزءاً لا يتجزأ من تكوينه، فلا تجعل طفلك «معجوناً بخوف» لتحقق ما لم تستطع تحقيقه بنفسك، أو أن تمارس ما تمت ممارسته عليك.