عمر إبراهيم الرشيد
اعتدت أن أورد بين الحين والآخر قصصاً من واقعنا الاجتماعي، ومعلوم تأثير القصة وما تختزله من رسائل ودروس أخلاقية واجتماعية، وهذه القصة حدثت قبيل دخول هذا الشهر الفضيل ولزميل لي في العمل. بدأت القصة عندما تلقى ذووه وأقاربه وأصحابه رسالة على تطبيق (واتس أب) في الصباح من نفس رقمه تخبر بوفاته وموعد الصلاة والدفن، فكان أن نزل الخبر كالصاعقة، فمنهم من انهار في نوبة بكاء، ومنهم من أصابته الصدمة بالذهول وآخرون لم يستوعبوا أو يصدقوا الخبر. فقام أحد الزملاء بالاتصال على نفس الرقم لمعرفة حقيقة ما جرى، فكان أن رد عليه زميلنا بنفسه الذي جاءنا خبر وفاته المكذوب، ومع ذهول المتصل أوضح له الرجل أن خبر وفاته ملفق وأنه مقلب دبره أحد أقاربه في غفلة منه وباختراق هاتفه المحمول لإرسال تلك الرسالة.
يقول زميلي وهو يسرد لي ما حصل صبيحة ذلك اليوم، بأنه من لطف الله أن والده كان في البيت وقتها، ولو كان خارج البيت أو المدينة فلا يعلم ما كان سيحدث له من هول الصدمة إلا الله، أما والدته فلم تكد تصدق أنه أمامها من أثر الصدمة، وذلك بعد تهافت الاتصالات عليهم بل وبدء كثير من ذويهم بالتحرك نحو المدينة التي يسكنونها لحضور الصلاة والدفن كما جاء في خبر النعي المكذوب، يقول إن كل هذا حدث وأنا في غرفتي أستعد للذهاب لعملي ولم أعلم بما دبر لي من مقلب كاد أن ينتج عنه مصائب ولكن الله سلم.
حضر صاحبنا (المتوفى كذباً) إلى العمل وإذا بزملائه يبكون حزناً عليه، فكانت صدمة الفرحة والذهول بحضوره حياً يرزق بينهم ولله الحمد.
حقاً هي نعمة هذه التقنية وثورة الاتصالات بما سهلت علينا من مصاعب وقدمت من حلول، ولكنها تنقلب إلى نقمة بمجرد تسخيرها للمضرة والتخريب. هذه قصة أردت مشاركتكم فيها وهي من صميم واقعنا، وإن كان صاحب المقلب لم يدرك عواقب فعله هذا أو الكوارث التي لولا لطف الله لألمت بوالديه نتيجة هذا التصرف، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وبعد، هل علينا شهر الرحمات ومدرسة النفس الكبرى وموسم البركات، فهنيئا لمن وفق لانتهاز هذا الموسم للتقرب إلى الله بالإحسان.
إلى اللقاء وكل عام وأنتم بخير.