خالد بن حمد المالك
أحسن الوزير د. القصبي التوقيت، واستثمر المناسبة الإعلامية المهمة، ووظَّف الحدث الجميل، فأكد على أن الصحافة مكانها في القلب من اهتمام القيادة، ومكانتها في الوجدان على امتداد تاريخها، وأنها ستظل هكذا موضع الرعاية والاهتمام والحدب عليها، فهي القوة الناعمة، التي رافقت مسيرة الوطن، وعاضدت الدولة السعودية الثالثة بدءًا بأم القرى فصحافة الأفراد، ثم صحافة المؤسسات.
* *
كان الاحتفال بمئوية صحيفة أم القرى العريقة تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين وكأنه لا يكتمل بدون لمسة حانية للمؤسسات الصحفية، وكأن الاحتفال بدون هدية للصحافة سيكون ناقصًا، وكأننا أمام حدث إعلامي لا يتعزز ولا يقوى إلا بمثل ما أعلن عنه الوزير الدكتور ماجد القصبي.
* *
في كلمته أمام خالد الفيصل وحشد من الإعلاميين بمرور قرن من الزمان على صدور صحيفة أم القرى أعلن عن مبادرات مهمة، بعناوين دون تفاصيل، وبقرارات تاريخية تضع الصحافة السعودية أمام مستقبل مزدهر يليق بها في زمن الرؤية، وعهد سلمان ومحمد قائد التجديد والابتكار لخلق بيئة إعلامية تساعد على كسر حاجز الخوف على الصحافة السعودية.
* *
وخرج الإعلاميون المحبون للصحافة، الذين خرجوا وتخرجوا منها، أولئك الأوفياء لتاريخها ودورها ونجاحاتها، ممنونين بما سمعوه من الوزير، شاكرين للقيادة أن كان للصحافة غير الحكومية كل هذا الاهتمام، فلم ينسوها من عنايتهم ودعمهم وتشجيعهم، وتذليل الصعاب والتحديات التي واجهتها أخيرًا.
* *
سيكون هناك دعم كبير للمؤسسات الصحفية، بعضه أعلن عنه، وبعض الآخر سيأتي لاحقًا، ولن يتوقف هذا الدعم طالما استمر تطوير المحتوى، وأضيف إلى نجاحات الصحافة الورقية نجاحات للصحافة الرقمية في المؤسسات الصحفية، ما يؤكد أن من يراهن على موت الصحافة إنما هو مغيّب عن معرفة حنو واهتمام الملك وولي العهد.
* *
قلنا إن الصحافة باقية، وإن أضيفت أدوات جديدة لها، وحتى إن تغيرت أدوات الصحافة فهي باقية ومستمرة، ولن تغيب شمسها، وكنا على يقين أنها لن تكون خارج رعاية قيادتنا الرشيدة، وهذا ما أكده وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي، بكلمته في مناسبة الاحتفال بأول صحيفة صدرت في عهد الملك عبدالعزيز.
* *
وأمام هذا الدعم كان الوزير القصبي يرسل رسالة إلى زملائه الصحفيين بأن لا خوف على الصحافة في زمن الرؤية 2030، وكأن معاليه يريد أن يذكّر الجميع بأن اهتمام سلمان ومحمد إنما هو من اهتمام عبدالعزيز، إنما هو امتداد لاهتمام الملك الذي لم تشغله مرحلة توحيد البلاد عن إصدار صحيفة تكون منبرًا ولسان حال للدولة الثالثة، فكانت صحيفة أم القرى، وكانت صحف الأفراد، ثم صحف المؤسسات تتوالى.
* *
نتذكر فقط، ونحن في ظل الاهتمام بذكرى مائة عام على صدور صحيفة أم القرى الورقية، أن الكتّاب والشعراء والنقّاد وكتّاب القصة والرواية والمقالة وُلدوا وبرزت مواهبهم من خلال الصحافة السعودية، وأن مواكبة التطورات والمسيرة المباركة لهذه الدولة كانت تقوم بها صحافتنا بامتياز، ونذكّر بأنه لا توجد دولة واحدة في العالم بلا صحافة ورقية، وإنما بقيت جنبًا إلى جنب مع الصحافة الرقمية، تؤديان معًا الدور المطلوب منهما.
* *
هذا الدعم السخي للمؤسسات الصحفية لا يقوم على تغييب الصحافة الورقية عن المشهد، ولا يعني أنه التحول من الصحافة التقليدية إلى الصحافة الجديدة، وإنما يضيف منتجًا إعلاميًّا جديدًا إلى ما هو قائم ضمن الاهتمام بأن يكون لدينا صحافة تؤثر وتتأثر بكل المستجدات في العالم، وأصبحت الرقمنة جزءًا مهمًّا في خدمة الدولة، ونقل صورة حقيقية عن دولة تتطور بأسرع مما يحدث لدى غيرنا القريبين والبعيدين عنا.
* *
وإذ نقدر عاليًا اهتمام الدولة بالصحافة كاهتمامها ودعمها للرياضة والترفيه والثقافة والسياحة وغيرها، إنما نثمن للوزير ماجد القصبي الذي ظل عينًا ساهرة إلى أن اكتملت الصورة لديه عن أوضاع المؤسسات الصحفية، فكان أن أخذت القيادة بمقترحه، وأمدت المؤسسات الصحفية بما أعلن عنه الوزير، غير أن هذا لا يكفي، ولا يفي بالغرض لتطوير المحتوى الذي طالما نادى به الوزير؛ لهذا فنحن على ثقة بأن الدعم بأشكال وصور مختلفة سوف يتوالى، وما أعلن عنه ما هو إلا بداية لمرحلة قادمة، وأجواء جديدة في الصحف. والمسؤولية هنا تقع على المؤسسات باستثمار هذا المناخ في نقلة نوعية قادمة، تكون حافزًا ومحفزًا للمزيد من الدعم القادم إن شاء الله.