حوار - محمد العيدروس / تصوير - حسين الدوسري:
أكد معالي المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والمستشار في الديوان الملكي الدكتور عبدالله الربيعة أن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله يوليان العمل الإنساني والخيري اهتماماً وعناية كبيرة ويحرصان دوماً على الوقوف إلى جانب الدول والشعوب المحتاجة والمنكوبة. وشدد في حوار خاص لـ»الجزيرة» إن هذا المركز خير شاهد على نبل هذه القيادة الحكيمة، التي تحرص على تقديم المساعدات الإيوائية والطبية والغذائية وغيرها لمختلف الدول المتضررة.
وقال معاليه إن المركز لا يفرق بين الديانة والعرق واللون في تقديم مساعداته وأعماله الإنسانية وهو يجسد رسالة ورؤية المركز التي تضمنتها كلمة مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - لحظة تدشينه لهذا الصرح، التي أكد خلالها أن يكون المركز قائماً على البُعْد الإنساني بعيداً عن أي دوافع أخرى؛ تأكيداً لعمق الرابطة الإنسانية التي تحرص قيادة المملكة على مر الأزمان على إرسائها.
وأشار د. الربيعة في هذا الصدد إلى أن إجمالي ما قدمته المملكة للأشقاء في اليمن في مختلف القطاعات الإنسانية والإغاثية والتنموية بلغ 19 مليارا و 390 مليون دولار أمريكي من خلال أكثر من 670 مشروعا متنوعا في المحافظات اليمنية كافة.
واشار في هذا الصدد ان المركز يراعي في خططه الإغاثية جميع المخاطر المتوقعة بما يضمن سلامة الفرق الإنسانية ويكفل وصول المساعدات إلى مستحقيها.
وكشف د. عبدالله الربيعة في هذا الصدد عن الإسهام البارز الذي قدمته المملكة في إعانة جميع الدول المتضررة من جائحة كورونا وقال إن إجمالي ما قدمته لمكافحة الفيروس دولياً أكثر من 800 مليون دولار أمريكي شملت مساعدات ومعدات طبية ووقائية ولقاحات وكميات من الأكسجين للدول وللمنظمات الأممية والدولية والاتحادات ذات الصلة.
إلى نص الحوار:
* لم يترك مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية شبراً أو موقعاً يحتاج للدعم والمساندة إلا وُجد هناك بشكل إغاثي سريع، فما الأهداف الإستراتيجية للمركز بشكل عام؟
* بداية أود أن أؤكد أن المركز وسعياً منه لتنفيذ أهداف قادة هذا البلد حفظهم الله من استحداث المركز منذ تأسيسه في مايو 2015 م يعمل على أن تكون الاستجابة العاجلة سمة ملازمة لتدخلاته الإغاثية أياً كان مكان الاحتياج، وأياً كانت هوية المستفيدين منها دون النظر إلى اعتبارات العرق أو الدين أو اللون، وذلك وفق آلية دقيقة وأسس ممنهجة تضمن تحقيق استفادتهم القصوى منها في إطار المعايير الدولية المتعلقة بالمجال الإغاثي، معتمداً في تحقيق الاحترافية في أداء المهام على فريق من العاملين بالمركز يتم رفع كفاءتهم بشكل مستمر، ومن ثم تتمثل الأهداف الإستراتيجية للمركز في تطوير آلية فعالة تضمن الاستجابة السريعة للتعامل مع الأزمات الإنسانية، إلى جانب تطوير الشراكات مع المنظمات الرائدة في العمل الإنساني لتعزيز وصول المساعدات المقدمة من المملكة ممثلة بالمركز إلى المحتاجين والمتضررين في مختلف دول العالم، وتتضمن كذلك تحسين عمليات الإشراف والمتابعة والتقييم بما يضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها وزيادة أثر الأعمال الإنسانية واستدامتها.
* الدعم الإنساني والإغاثي بكافة أشكاله كان أحد المحاور الإنسانية للمركز، كم بلغ إجمالي ما تم تقديمه للأشقاء في اليمن بشكل خاص؟
* بلغ إجمالي ما تم تقديمه من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لليمن الشقيق ما يقارب 4 مليارات دولار أمريكي تم من خلالها تنفيذ أكثر من 670 مشروعا إنسانياً وإغاثياً في المحافظات اليمنية كافة، وذلك في جميع القطاعات الحيوية، وخصوصاً قطاعات التغذية، والأمن الغذائي، والصحة، والمياه والإصحاح البيئي، والإيواء وغير ذلك من القطاعات المهمة، كما بلغ إجمالي ما قدمته المملكة العربية السعودية للأشقاء في اليمن منذ عام 2015 م وحتى تاريخه في مختلف القطاعات الإنسانية والإغاثية والتنموية مبلغ 19 مليارا و 390 مليون دولار أمريكي.
* معاليكم قلتم إن المركز لا يفرق بين الديانة والعرق واللون في تقديم مساعداته وأعماله الإنسانية، وهذه إستراتيجية يندر وجودها في أي برامج إغاثية على مستوى العالم، حدثنا عن ذلك؟
* نعم صحيح، هذا النهج يجسد رسالة ورؤية المركز التي تضمنتها كلمة مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - لحظة تدشينه لهذا الصرح، التي أكد خلالها أن يكون المركز قائماً على البُعْد الإنساني بعيداً عن أي دوافع أخرى؛ تأكيداً لعمق الرابطة الإنسانية التي تحرص قيادة المملكة على مر الأزمان على إرسائها، وتزكيةً لقيمه الخيرية الراسخة في وجدان المجتمع السعودي المنبثقة من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف وتهيئة المجال لانتشارها ونقلها إلى العالم أجمع.
* هل تواجهون عقبات أو مشاكل خلال الأعمال الإغاثية والإنسانية، وخصوصا في الدول التي تشهد مشكلات سياسية وأمنية؟
* لا يخلو العمل الإغاثي والإنساني من مخاطر وتحديات، لأنه يتم تنفيذه في ظروف استثنائية، تمر في الغالب خلالها مناطق الاحتياج بكوارث وأزمات، ولأن المركز يحرص على أن يكون موجوداً في قلب الحدث لضمان تنسيق مثالي لتدخل إغاثي عاجل وفعال، فإنه يراعي في خططه الإغاثية تلك المخاطر بما يضمن سلامة الفرق الإنسانية ويكفل وصول المساعدات إلى مستحقيها، على سبيل المثال المناطق التي ترزح تحت وطأة ميليشيا الحوثي في اليمن فالمساعدات الإنسانية التي تقدم للفئات المحتاجة هناك تُسلم دون وضع شعارات المركز عليها، حرصا على سلامة وصولها وسلامة العاملين على إيصالها وسلامة المستفيدين منها، إلى جانب تعاون المركز مع المنظمات الأممية ذات العلاقة لإيصال المساعدات في المناطق التي تشهد خطورة عالية، نظراً لما تمتلكه من إمكانيات وسبل حماية تحت مظلة الأمم المتحدة.
* حدثنا عن المجال التطوعي في المركز؟
* يعد العمل التطوعي ضمن أولويات المركز؛ ودائماً ما يحرص على تطوير هذا المجال، وتغيير المفاهيم المغلوطة عنه، وتشجيع جميع فئات المجتمع على المشاركة فيه، باعتباره أحد أهداف رؤية المملكة 2030 ، وترجمة لذلك دشن المركز بوابة التطوع لتسجيل المتطوعين الراغبين في المشاركة في البرامج التطوعية الإنسانية التي ينفذها المركز في مختلف دول العالم والتي تشمل العديد من التخصصات الطبية والتعليمية والتدريبية وغيرها، كما أبرم اتفاقيات وشراكات مع عدد من الجهات بهدف نشر ثقافة العمل التطوعي وتشجيعه واستقطاب المتطوعين والمتطوعات للمشاركة ضمن أعمال المركز الإنسانية والإغاثية، وقد بلغ عدد المسجلين حتى الآن في بوابة التطوع أكثر من 16 ألف شخص، كما تم تنفيذ ما يزيد على 190 برنامجاً تطوعياً في مجالات عدة على رأسها البرامج الطبية، وذلك في 22 دولة حول العالم استفاد منها نحو نصف مليون شخص، ولا يقتصر دور المركز على إشراك المتطوعين والمتطوعات في برامجه التطوعية بل يحرص على تأهيلهم وتدريبهم في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وأنتهز هذه الفرصة لأدعو عبر صحيفتكم الموقرة الراغبين في التطوع الخارجي من أبناء وبنات المملكة إلى التسجيل في بوابة التطوع وهم محل ترحيب وتقدير.
* حققت المملكة نجاحاً لافتاً في مكافحة جائحة كورونا داخلياً، ماذا عن جهودها في مواجهة الجائحة على الصعيد الدولي؟
* المملكة بتوجيهات مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين يحفظهما الله بذلت جهوداً غير مسبوقة لمكافحة وباء كوفيد- 19 ، وتقديم الرعاية الصحية الفائقة للمواطنين والمقيمين على حد سواء لتجنيبهم تبعات هذا الوباء، وكان شعارها (الإنسان أولاً)؛ تأكيداً لمبادئها الراسخة وقيمها السامية التي انطلقت على أثرها الجهود الصحية الحثيثة الرامية إلى حفظ صحة الفرد والمجتمع من هذا الوباء، وانطلاقا من تلك المبادئ أيضاً حرصت المملكة بتوجيهات مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين يحفظهما الله على مساندة الجهود الدولية في مكافحة هذا الفيروس ومتحوراته؛ حيث أسهمت إسهاما بارزا في إعانة الدول المتضررة من الجائحة وبلغ إجمالي ما قدمته لمكافحة الفيروس دولياً أكثر من 800 مليون دولار أمريكي، شملت مساعدات ومعدات طبية ووقائية ولقاحات وكميات من الأكسجين للدول وللمنظمات الأممية والدولية والاتحادات ذات الصلة.
* تضمنت جهود المركز الإنسانية قيامه بتشغيل مراكز لتركيب الأطراف الصناعية في اليمن.. كم عدد المراكز وما الذي تشتمل عليه خدماتها؟
* مشروع الأطراف الصناعية يأتي امتداداً لجهود المملكة ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في الوقوف إلى جانب الأشقاء اليمنيين وتضميد جراحهم والتخفيف من معاناتهم، وقام المركز بتشغيل 4 مراكز لتركيب الأطراف الصناعية في محافظات عدن، ومأرب، وتعز، وسيئون، تهدف إلى مساعدة المصابين بالبتر وتقديم الخدمات اللازمة لهم مجاناً بما في ذلك تركيب أطراف صناعية ذات جودة عالية وتقديم التأهيل النفسي والبدني لهم، إضافة إلى تدريب الكوادر المحلية في هذا المجال، واستفاد من المشروع حتى الآن أكثر من 25 ألف شخص.
* إلى جانب هذا المشروع، المركز كذلك ينفذ مشروعاً نوعياً آخر لنزع الألغام في اليمن تحت اسم «مسام»، كم بلغ حجم الألغام المنزوعة حتى الآن؟
* يعد مشروع مسام لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام من أهم وأكبر المشاريع الإنسانية للمركز، حيث أسهم بفضل الله عز وجل ثم بجهود الأبطال العاملين فيه في حماية مئات الآلاف من الأرواح البريئة في اليمن من الألغام التي تزرعها ميليشيا الحوثي الإرهابية بعشوائية وكثافة وبمختلف الأحجام في كل أرجاء اليمن بلا أدنى ضمير، ويأتي هذا المشروع ليواجه تلك الانتهاكات الحوثية الجسيمة بحق اليمنيين، وقد تمكن المشروع منذ إنشائه في عام 2018 م وحتى الآن من نزع أكثر من 322 ألف لغم، فيما لا يزال المشروع يواصل أقصى الجهود الممكنة لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام.
* بتوجيهات القيادة الحكيمة تعد المملكة سباقة في عمل الخير ومساعدة المنكوبين والوقوف إلى جانب الدول الشقيقة والصديقة.. حدثنا عن ذلك؟
* خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين حفظهما الله يوليان العمل الإنساني والخيري اهتماماً وعناية كبيرة وهما حريصان دوماً على الوقوف إلى جانب الدول والشعوب المحتاجة والمنكوبة، وهذا المركز خير شاهد على نبل هذه القيادة الحكيمة، التي تحرص على تقديم المساعدات الإيوائية والطبية والغذائية وغيرها لمختلف الدول المتضررة، بما في ذلك حزمة من البرامج النوعية المتمثلة في مراكز تأهيل الأطفال المجندين، وتمكين الفئات الأشد ضعفاً، وفصل التوائم السيامية، واستضافة ذويهم من لحظة وصولهم إلى المملكة حتى مغادرتهم لها.
وختاماً نستطيع أن نقول إن العمل التطوعي في هذا العهد الميمون شهد توسعاً غير مسبوق وتطوراً على المستويات التنظيمية والتقنية والرقمية، وهو ما يعد مؤشراً حقيقياً على قدرة مؤسساتنا الإغاثية وفي مقدمتها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية على تذليل التحديات الإنسانية، وإحداث تغيير حقيقي في آليات العمل الإنساني على مستوى العالم، بما يؤهله لأن يتبوأ مكانة متميزة بين المنظمات العالمية المعنية بالمجال الإنساني.