كريم بن إبراهيم بن أحمد آل رخا
مما لا يختلف فيه اثنانِ، عنايةُ المملكة العربية السعودية -حمَاها الله وزادها من فضْلِه- بالعلمِ والعلماءِ. وقيادةُ المملكة -وفَّقها الله وسدَّدها- ذاتُ ارتباطٍ وثيقٍ بالعلم وأهله، ولهم من التقدير والحظوة ما لا يخفى، ومن قرأ عَرَف، ومن سأل التاريخَ أجابه.
وقد حبا الله -سبحانه وتعالى- بلادَ الحرمين الشريفين بأئمةٍ كبارٍ ملأ الله -تعالى- بعلمهم الآفاقَ، وذاعت دروسهم وسارت كالنور والسراج المنير الذي يضيء الدرب للسالكين، ومن أبرز هؤلاء: أئمةٌ ثلاثةٌ كبارٌ جهابذةٌ، وَضَعَ الله -عزَّ وجلَّ- لهم قبولًا عجيبًا، وأَثنى عليهم القاصي والداني، إنهم أصحاب السماحة والفضيلة: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز (1330- 1420هـ)، ومحمد بن صالح بن عثيمين (1347- 1421هـ)، وعبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين (1349- 1430هـ)، وهناك غيرهم، رحمهم الله تعالى وجزاهم خيرًا ونفعنا والمسلمين بعلومهم الغزيرة، وأساليبهم السهلة اليسيرة، وشروحهم الكثيرة.
ثلاثتهم تميزوا بميزاتٍ عديدةٍ، واشتركوا في أمورٍ كثيرة، يطول الكلام جدًّا بذكر بعضِها، ومن أبرز ذلك -في مجال عنايتي واهتمامي- أمران:
الأمر الأول: اهتمامهم باللغة العربية بعلومها كافة في سهولةٍ عجيبةٍ ويُسْرٍ لافتٍ، وتجنبُهم للَّحن والخطأ اللغويِّ بصوره كافة، وحرصُهم على ذلك، وهذا يدركه المهتم المتأمل، ويجدُ براهينه ساطعة غالبةً.
الأمر الآخر: عناية باحثي درجات التخصُّص (الماجستير) والعالِمِيَّة (الدكتوراه) بهم وبتراثهم، من خلال تناول ذلك في رسائلَ علميةٍ مسجلة لدى الجامعات المعتمدة: فقد سجلت (18) رسالة علمية فيما يتعلق بابن باز، و(137) فيما يتعلق بابن عثيمين، وأكثر من (30) رسالة فيما يتعلق بابن جبرين.
وقد كان سببُ كتابتي هذه كلمةً ذكرها العلامة ابن جبرين -رحمه الله تعالى- وهي كلمة (اخلولق) ثم عَطَفَ عليها (بَلِيَ) فقال: (اخْلَوْلَقَ وَبَلِيَ). فلَفَتَ نَظَرِي واسترعى انتباهي استعمالُ الشيخ لكلمة (اخلولق) بمعنى (بَلِيِ)، رغم كون المشهور: أَخْلَقَ وَخَلقَ (بكسرِ اللَّام وضمِّها) الثوبُ والجلدُ وغيرُهما، وبمراجعة ((مقاييس اللغة)) لأبي الحسين أحمد بن فارس وغيره من المعاجم والقواميس يتجلى للباحث دقةُ الشيخ وعنايتُه. رحم الله الجميعَ رحمةً واسعةً.
** **
- (عضو الاتحاد الدولي للغة العربية)