أخذ الفكر الإنساني يتطور تطوراً ملموساً في هذا العصر بالذات وذلك بحكم الأمور والمزايا والسّمات التي برزت في هذا الكون بروزاً غيَّر مجرى أبجديات الحياة وأطاح بالمبادئ الهدامة التي كانت تدس للإسلام والمسلمين في تلك الحقبة الزمنية وما لمسه النَّاس من روائع وبدائع الأزهار في شتَّى مجالات الحياة ومرافق التّصنيع فقد أصبح بفضل التطور الَّذي حظي به الفكر الإنساني نتيجة الشّعور بالإيمان وكذلك الوحي والإلهام الذي ساد جو المعرفة والثَّقافة العامَّة نتيجة تفتح الوعي بعد ظهور بوادر الحركة بعد الركود والانكماش الَّذي ساد جو الحياة في أعقاب التّقهقر والانحلال الذي منيت به حالات الحياة العامَّة في أحد الظروف القاسية.
علماً أن الفكر والتحرر... لا ينضج ولا يزدهر إلاَّ في ظلال الحريَّة والتحرر من القيد والالتزام، كما كان في ذلك العصر. عصر ازدهار العلم والفكر والأدب الَّذي ابرز هؤلاء الرِّجال على الساحة الأدبية أمثال: - القابسي - وابن مسكويه - والغزالي - وابن سينا - وعبدالرحمن أبا الفرج الجوزي - وأبو تمَّام - والجاحظ - وأبوالطيب المتنبي - وابن الرومي - وأبوالعلاء المعري. وغيرهم من اساطين العلم والفكر والأدب فقد تكون هذه الأسباب الرئيسة هي التي تعين وتساعد على تطور الفكر الإنساني وتفتح أبواب الوعي في معظم الطبقات التي تنادي بالوثبة والتحرر من أجل الحياة، وإذا تمت وازدهرت تلك المقوِّمات تحقق بعد الله عمران الكون وضمان الوجود على النحو الذي يريده خالق هذا الكون وصانع هذا الوجود..
وليس بعيداً أن يكون هذا شعور النَّاس وإحساسهم باليقظة والنمو والازدهار الَّذي يسود معظم الطبقات، وفي شتَّى مجالات الحياة، وذلك بفضل التطور الَّذي يسود جو الفكر والوعي الذي يبدو موهبة الشعور والإحساس فإن ماضي المرء في تاريخ الإنسانيَّة يرتكز على السيادة والتاريخ الحافل بالقيِّم والمبادئ والمثل، التي ميزت الاجيال، فالواجب علينا كأمة عربيَّة أن نفتخر ونعتز بماضينا الزاهي والمشرق الَّذي يُعد بحق أزهى عصر عرفه تاريخ الحضارة الإنسانيَّة بعد الركود والانحلال الذي منيت به الاجيال بعد العصور الذهبية ولا يزال الفكر هو الموجه الحقيقي والمحرك الذي ينطلق في اجواء المعرفة، حيث إنه أداة فعّالة للتقدم والازدهار والنمو الذي يساعد على العمران والتخطيط والتصنيع وتحقيق المثل والأهداف والغايات التي تنشدها الإنسانيَّة.
حيث يأتي التجديد أو الابتكار في صورة مشرقة وسمتان من سمات الوثبة والتحرر والانطلاق كما أن كل أمة ظهرت فيها بوادر التجديد والابتكار في علومها وفنونها ونظمها تُعد من الأمم النامية التي تطور فيها الفكر وازدهرت حياتها، وتفتح فيها الوعي بعد أن تعطل فترة من الزمن.
وأصبحت بعد فضل الوعي تتهافت على كل طريف وجديد وتعمل جاهدة على التحليق في اجواء النور ومن حق الشعوب قاطبة أن تتحرر وتنطلق وراء الفكر في محاولة لكسب العلم والمعرفة بأي سبيل كان وذلك لتثبيت الوجود وتعزيز الكيان، وإشاعة نور العلم والفكر في طبقات الشعوب كلها.