لم يكن كلام ملحن أوبريت الحلم العربي (حلمي بكر) عن السعودية إلا للفت الانتباه له على طريقة (كرموني وإلا شتمتكم). ولم تكن ندوة الأغنية العربية التي أقيمت مؤخراً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة إلا انحطاطاً في الذوق العام، وإسفافاً في الخروج عن آداب الندوات الثقافية الملتزمة بالمنهج والموضوع المعنون لها، ولا أدري ما علاقة بايدن بانحطاط الأغنية العربية؟!
وما علاقة حرب روسيا وأوكرانيا بالأغنية الشعبية المصرية؟
وما علاقة مهرجان السعودية الغنائي بتكريس الفن الهابط؟!
إن علاقة السياسة بالفن لا تعالج على هذا النحو الساقط المجرد من الآداب والأخلاق، فضلاًَ عن التزام العدالة والحياد.
لقد كانت السياسة هي المحرك الثقافي الأكبر للفنون والآداب. وفي إرثنا الثقافي القديم كانت جزيرتنا العربية منطلق الشعر والغناء، فمن أرض اليمامة خرج أمير الشعر العربي امرؤ القيس رائد الغزل والحب، والأعشى صناجة العرب في الوصف والخمر، وفي أرض الحجاز ولد الغناء وفتحت له مجالس الأشراف والسادة.
وكانت السيدة سكينة بنت الحسين ذات الصالون الأدبي الشهير حاضنة للفنون والآداب، وكان بعض أمراء العرب في الدولتين الأموية والعباسية رواداً في دعم الغناء والموسيقى والفن عموماً على نحو ما هو مثبت في مصادر الأدب العربي القديم.
وعندما بدأت السعودية وفق رؤيتها الطموحة 2030 في استعادة إرثها الثقافي اغتاظ المنظمون لهذه الندوة من النهضة الثقافية التي تعيشها السعودية حالياً في كل المجالات، خاصة في الفنون والآداب والسياحة والآثار، فوجهوا سهامهم الحاسدة، ونفثوا سمومهم الحاقدة من خلال هذه الندوة الساقطة.
أخيراً أوجه شكري للجمهور السعودي الذي لم يمكّنوه من المداخلة والرد، فانسحب من هذه الندوة احتجاجاً على الإساءة لتاريخهم ووطنهم وقيادتهم.
للعلم:
مجمع اللغة العربية برئاسة الدكتور صلاح فضل رئيس المجمع، الندوة الثالثة من ندوات البرنامج الثقافي للمجمع في موسمه الخامس بعنوان الأغنية العربية، كلمة راقية، وصوت معبر، ولحن رائق، وذلك في تمام الخامسة مساءً يوم السبت الموافق 26 من مارس.
وتحدث في الندوة الثالثة الموسيقار حلمي بكر، والشاعر الغنائي جمال بخيت، والفنان الدكتور أحمد عادل عبدالمولى، وتصحبهم المطربة الأوبرالية حسناء، ويديرها الدكتور صلاح فضل رئيس المجمع.
** **
- د. ناصر السعيدي