فضل بن سعد البوعينين
في تحدٍ للقوانين والأعراف الدولية، عادت ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران لاستهداف المنشآت النفطية، والأعيان المدنية، على مرأى من المجتمع الدولي الذي لم يتحرك لردع عملياتها الإرهابية المهددة لأمن الطاقة، والاقتصاد العالمي.
لا يمكن الفصل بين تكرار الهجمات الحوثية الإرهابية، وصمت المجتمع الدولي عنها، في وقتٍ يطالب فيه المملكة ضمان الإمدادات، وضخ مزيد من النفط للضغط على الأسعار المتضخمة طاقة.
من غير الممكن ضمان أمن الطاقة وحماية الاقتصاد العالمي من التداعيات المؤثرة، بمعزل عن ردع الإرهاب الحوثي والإيراني المنظم. يؤمن بعض المختصين بأن الهجمات الحوثية ضد منشآت نفط سعودية لم تكن لتنجح لولا الدعم الفني الاستخباراتي، ووفرة التمويل، والدعم اللوجيستي الذي يسهل نقل الصواريخ وتقنيات المسيرات وأجهزة التوجيه والتخفي الدقيقة إلى اليمن.
وبالرغم من إعلان قوات التحالف عن استخدام ميليشيا الحوثي صواريخ كروز إيرانية إلا أن بعض التكنولوجيا المستخدمة في التوجيه الدقيق ربما تجاوزت تقنياتها إمكانات إيران التقنية، ما يربطها بجهات استخباراتية غربية. العلاقة الحوثية الإيرانية الغربية ربما فسرت جانباً من الصمت الدولي تجاه استهداف المنشآت النفطية السعودية، وخطوط الملاحة الدولية وناقلات النفط. فمن يسعى لتحقيق أمن الطاقة وضبط أسعارها يجب أن يواجه الإرهاب المنظم، ويوقف استهداف المنشآت النفطية، ويحاسب كل من يتسبب في زعزعة أمن المنطقة. أخشى أن يكون هدف الغرب الرئيس هو إطالة أمد الحرب واستثمار ملف أمن الطاقة، وتضخم الأسعار لتحقيق أهداف إستراتيجية قذرة في المنطقة!.
الأمين العام للأمم المتحدة شعر «بقلق بالغ» تجاه الضربات الجوية في مدينة الحديدة وطالب جميع الأطراف «بممارسة أقصى درجات ضبط النفس». دعوات صريحة لا تصدر إلا بعد أن تتعرض ميليشيا الحوثي لهجمات مدمرة تستهدف قادتها ومراكز سيطرتها في صنعاء والحديدة، ما يثير الشك والريبة حول نوايا الأمم المتحدة، ومن خلفها الدول الغربية والمجتمع الدولي عموما.
تراخي الأمم المتحدة مع ميليشيا الحوثي أسهم في إطالة أمد الحرب، وهدد أمن المنطقة والاقتصاد العالمي، وحفز الحوثيين على ممارسة أعمال إرهابية مخالفة للقانون الدولي، وتسبب في دمار اليمن وتجويع شعبه.
الأمر عينه ينطبق على المجتمع الدولي الذي طالما اكتفى بعبارات الشجب والاستنكار للممارسات الحوثية دون أن يتخذ إجراءات عملية على أرض الواقع، بل على العكس من ذلك، فإلغاء تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية، أسهم في تحفيزها على الأعمال الإرهابية واستهداف أمن الطاقة. كما أن إحياء الاتفاق النووي يعد مكافأة أمريكية على إرهاب إيران المنظم، وتهديدها أمن المنطقة، وإمدادات الطاقة، والاقتصاد العالمي!.
لذا اضطرت المملكة إلى انتهاج آلية جديدة للتعامل مع الغرب من جهة، وميليشيا الحوثي من جهة أخرى. فوضعت المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه الهجمات الإرهابية، وأكدت على أنها غير مسؤولة عن أي نقص في إمدادات الطاقة الدولية، ما يستوجب تحركه لارغام ميليشيا الحوثي وإيران وحملهما على التوقف عن استهداف المنشآت النفطية. وبدأت في الرد المباشر على مصادر التهديد، واستهداف مواقع الحوثي الإستراتيجية، وإن كانت ضمن المناطق المحمية دوليا، ما حمل الحوثي على إعلان وقف إطلاق النار، والمطالبة بالعودة إلى طاولة المفاوضات التي رفضها من قبل.
لا مفر من استخدام القوة لفرض الحلول السياسية من جهة، وحماية أمن الطاقة من جهة أخرى، ومن حق المملكة الدفاع عن أمنها، ومعاقبة من يتجرأ على استهدافها، وهو حق كفله القانون الدولي. إيران والحوثي لا يعترفان إلا بمنطق القوة، وأي مفاوضات مفتوحة، لن ينتج عنها إلا إطالة أمد الحرب، والحد من مكاسب قوات التحالف، وإعطاء فرصة للحوثيين لإعادة بناء قدراتهم القتالية، والتوسع في تجنيد مزيد من المتحوثين، وإحداث تحول ديموغرافي وعقدي في اليمن.
لا يمكن تحقيق أمن الطاقة واستقرار أسواقها وحماية الاقتصاد العالمي بمعزل عن ردع إرهاب إيران وميليشيا الحوثي الذي تجاوز جميع الخطوط الحمراء، وهو أمر يحتاج إلى جهود دولية، سياسية، وإعلامية مكثفة، تدعمها قوة قاهرة على الأرض كما حدث خلال اليومين الماضيين.