إيمان حمود الشمري
كنت أخشى الأبواب المغلقة وأحمل همها، وكان أمراً محبطاً بالنسبة لي أن توصد الأبواب في وجهي، ولم أتخيل يوماً أن أتصالح معها وأرى من خلالها طريقاً آخر لم أختره وإنما رتبه القدر لي خارج حدود العقل البشري وتخطيطه المحدود، قد أبدو غريبة لو قلت إن شيئاً من التشويق أصبح يومض بداخلي عندما يوصد باب بوجهي أو تفوت فرصة، أو حتى أضل الطريق أثناء قيادة السيارة. أصبحت أشعر بنوع من الشغف والفضول أمام الباب الذي سُد في وجهي وكأنما يريد أن يخبرني أن شيئاً آخر ينتظرني بالحياة غير ذلك الباب المغلق، شيئاً لم يخطر على بالي، وكأن تلك الأبواب المغلقة ألغاز تدلني على مفاتيح أخرى لأبواب أكثر اتساعاً من ذلك الباب الضيق، والتي ما كنت بحثت عنها لولا ذلك الباب الذي أوصد في وجهي، فالطريق المغلق هو ليس الطريق الوحيد للوصول ولا الأكثر اختصاراً، وإنما لأنه كان الخيار الوحيد الذي وجدناه أمامنا اعتقدنا أنه الأفضل.
تحزن لضياع فرصة عمل، أو قد يزعجك مديرك المتسلِّط الذي تسبب في كرهك لعملك وجعلك في دوامة بحث عن عمل آخر، يؤلمك قرار طلاق لم تحسب له حساب، ويحزنك تفويت فرصة دراسية تحلم بها ولم تكن الظروف مهيأة تماماً لها، يتأخر أمر تتمناه كل يوم أن يتحقق، تتساءل بتذمر: لماذا أنا الشخص الوحيد الذي يحصل له ذلك..؟ لأن ما سوف يأتي أفضل من الحال الذي أنت عليه، فالأبواب المغلقة تريد أن تخبرنا أن هناك طرقاً أخرى قد تكون منعطفات أكثر أهمية في حياتنا من ذلك الواقع الروتيني الممل الذي نعيشه، وكأنك في لعبة السلم والثعبان، كلما ابتلعك الثعبان وأنزلك للرقم الأصغر، تتفاجأ برقم آخر على بعد خطوات من ذيل الثعبان يرفعك فجأة ويوصلك أعلى من المكان الذي كنت عليه في السابق.
الحياة لم تأت ممهدة لأحد، والانتباه على فكرة أن الأبواب المغلقة هي عرض خيارات أخرى هو ليس تدريباً نفسياً لتقبل الصدمات والإحباطات، وإنما تفكير عملي بحل المشكلة من عدة طرق وبعدة خيارات قد تقلب حياتك تماماً للأفضل، وكل الطرق السابقة التي سلكتها ولم تنجح هي ليست طرقاً فاشلة وإنما خبرات، فالعالم إديسون لم يضئ المصباح من أول تشابك لسلكين وإنما اختار أكثر من طريقة لم تنجح معه حتى اكتشف أخيراً الأسلاك التي يجب تحديداً أن تتصل ببعضها ليضيء المصباح وبالتالي يضيء العالم كله.
ماذا لو فكرنا أن الأبواب المغلقة لم تكن لنا من الأساس وأن هناك أبواباً أعرض بكثير سوف نمتلك مفاتيحها ولم تكن لتصلنا لولا تلك الأبواب المغلقة ... تستحق التأمل!